لم يعد الاستثمار في الشركات الناشئة حكرًا على أصحاب الثروات الضخمة والقدرة الاستثمارية الكبيرة، وذلك بفضل الطفرة في التمويل الجماعي على مدى العقد الماضي، إذ تسهم الشركات الناشئة في الاقتصاد على نطاق أوسع بالإضافة إلى تحقيق عائدات للمستثمرين.
وفي تقرير نشره موقع “فوربس أدفايزر” الأميركي، قالت الكاتبة جو غروفز إن هناك كثيرا من المعلومات التي يكون المرء بحاجة إلى معرفتها عن الاستثمار في شركة ناشئة، بما في ذلك الخيارات المختلفة المعروضة، وما يجب مراعاته قبل اتخاذ قرار الاستثمار، مبينة أن هناك 3 خيارات رئيسة للمستثمرين الذين يتطلعون إلى الاستثمار في مشروع مبتدئ، هي:
التمويل الجماعي: يؤدي هذا التمويل إلى جمع مبالغ صغيرة من عدد كبير من الأفراد، غالبًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو مواقع التمويل الجماعي.
صندوق رأس المال الاستثماري: وهو شكل من أشكال الأسهم الخاصة، إذ تجمع شركة رأس المال الاستثماري الأموال من المستثمرين للاستثمار في الشركات الناشئة والشركات الصغيرة.
مستثمر ثري: وعادة ما يكون شخصا صاحب ثروة كبيرة، يستثمر مباشرة في شركة ناشئة إما بمفرده أو مع الآخرين.
وتلقي الكاتبة نظرة تفصيلية على كل خيار من خيارات الاستثمار المذكورة، فتقول:
التمويل الجماعي: تتيح مواقع التمويل الجماعي لعدد كبير من المستثمرين المشاركة في جولة تمويل، حيث يحصل المستثمرون على حصة صغيرة من الأسهم مقابل استثمار أموالهم.
ما أنواع الاستثمارات المتوفرة؟
وتقول الكاتبة إن هناك نوعين رئيسين من الاستثمارات التي تقدمها منصات التمويل الجماعي:
المناصفة: وتلتزم في هذه الطريقة باستثمار مبلغ ثابت من المال في قيمة مقدرة معينة، بشرط أن تصل الشركة إلى هدفها التمويلي كي يمكنك الحصول على أسهم في الشركة.
أصول قابلة للتحويل: وتُستخدم عندما تريد الشركة الوصول إلى تمويل قصير الأجل، غالبًا قبل جولة تمويل أكبر، حيث يقوم المستثمرون بشراء الأصول القابلة للتحويل التي يتم تحويلها إلى أسهم مخفضة في وقت لاحق، عادة في جولة التمويل التالية.
كيف تقرر الاستثمار في شركة ناشئة؟
وتنصح الكاتبة كيرستي جرانت، كبيرة مسؤولي الاستثمار في منصة التمويل الجماعي “سيدرس” (Seedrs)، المستثمرين المحتملين بعدم الاستثمار في شيء لا يفهمونه، وتحثهم على الاستثمار في الشركات التي يؤمنون بها، كما يجب على المستثمرين إجراء أبحاثهم الخاصة عند اتخاذ قرار بالاستثمار في شركة ناشئة، بما في ذلك الإجابة عن الأسئلة التالية:
ما القيمة “المضافة” للمنتج أو الخدمة؟
لماذا يشتريه العملاء دون البدائل؟
ما حجم السوق وعوائقها البدائل؟
ما حجم السوق وعوائقها؟
ما مدى سهولة قيام المنافسين بتقديم المنتج أو الخدمة نفسها؟
ما الخبرة التي يمتلكها فريق الإدارة؟
هل ستحتاج إلى مزيد من التمويل لتوسيع استثمارك؟
وأضافت الكاتبة أنه نظرًا لأن الاستثمارات في الشركات الناشئة ذات مخاطرة عالية، فيجب عليك التفكير في استشارة مستشار مالي مستقل قبل اتخاذ قرار الاستثمار.
كيف تستثمر باستخدام منصة التمويل الجماعي؟
تنوّه الكاتبة إلى أنه يجب على المستثمرين اتخاذ الخطوات التالية قبل التفكير في الاستثمار في شركة ناشئة عبر منصة تمويل جماعي:
اختر المنصة التي تريد أن تستثمر من خلالها: عليك التحقق من أن المنصة مرخصة ومنظمة من قبل هيئة الرقابة المالية، ويجب أيضًا أن تتحقق من وجود رسوم أولية أو سنوية أو رسوم على الأرباح المحققة عند البيع النهائي لأسهمك.
راجع فرص الاستثمار: تدرج المنصات أسماء الشركات الناشئة التي تبحث حاليا عن الاستثمار جنبًا إلى جنب مع النسبة المئوية للأموال التي تم جمعها مقابل هدفها الإجمالي، وتوفر الشركات الناشئة معلومات شاملة حول خطة أعمالها، ويمكن للمستثمرين طرح الأسئلة وطلب معلومات إضافية.
التحقق: ويشمل التحقق من خلفية الشركة والمديرين، والتحقق من صحة معلومات العرض التقديمي، ومراجعة العقود التجارية والمقاضاة.
مراجعة الضمانات المقدمة للمساهمين: يجب على المستثمرين التحقق من حقوقهم بوصفهم مساهمين، بما في ذلك حقوق التصويت على مسائل تتعلق بسياسة الشركة وحقوق إصدار الأسهم الجديدة.
طريقة الدفع للاستثمار: اعتمادًا على النظام الأساسي، يمكنك تمويل حسابك باستخدام بطاقة الخصم أو الائتمان أو عن طريق التحويل المصرفي، وإذا فشلت في إيداع أموالك قبل إغلاق الحملة فسيلغى استثمارك.
إنهاء العملية: بمجرد إغلاق الحملة واكتمال كل إجراءات العناية الواجبة القانونية ووثائق الاستثمار، ستُرسل شهادة إلكترونية للمستثمرين.
يجب أن تصل الشركات الناشئة إلى هدفها التمويلي خلال إطار زمني محدد، أو تعاد الأموال إلى المستثمرين، وإذا تجاوزت الشركة هدفها التمويلي فيمكنها اختيار الموافقة على “تجاوز الحد التمويلي”.
صناديق رأس المال الاستثماري
توضح الكاتبة أن رأس المال الاستثماري هو شكل من أشكال الاستثمار في الأسهم الخاصة في الشركات الناشئة التي تتمتع بإمكانات نمو قوية ولكنها لم تحقق ربحًا بعد، حيث تشتري هذه الصناديق حصصًا قليلة في الشركات الناشئة وتوفر لها الدعم المالي والخبرة. ومع ذلك، فإن أحد العوائق التي تحول دون الاستثمار في صناديق رأس المال الاستثماري هو الحد الأدنى لمبلغ الاستثمار، الذي يزيد عادة على 10 آلاف دولار.
كيف تستثمر في صندوق رأس المال الاستثماري؟وفقًا للكاتبة، فهناك نوعان رئيسان من خيارات الاستثمار في رأس المال الاستثماري، هما الاستثمار في اعتمادات نظام الاستثمار في المؤسسات، ونظام الاستثمار في المؤسسات الصغيرة.
تبين الكاتبة أن هذين النظامين يستثمران في شركات المرحلة المبكرة التي لها تاريخ تداول يراوح بين عامين و7 أعوام، حيث يجمعون الأموال من المستثمرين، لكن المستثمرين يمتلكون أسهمًا في الشركات الأساسية، وليس في الصندوق نفسه، ولا يستطيع المستثمرون الاستثمار في هذه الصناديق إلا في الجولة الأولى من جمع الأموال، وتحدد الصناديق معدل عائدها المستهدف أثناء جمع الأموال، ويراوح عادة من ضعفين إلى 3 أضعاف الاستثمار الأولي على مدى 5 إلى 8 أعوام.
الاستثمار في صناديق رأس المال الاستثماري
وذكرت الكاتبة أن هذه الصناديق تُدرج في البورصة، وذلك يعني أنه يمكن للمستثمرين شراء الأسهم في أثناء جمع الأموال الأولية أو في سوق الأسهم بمجرد إدراجها، ويمكن للمستثمرين أيضا شراء الأسهم وبيعها مباشرة على منصة التداول الخاصة بهم، وعلى الرغم من أنه قد يكون من الصعب العثور على مشترين للأسهم، تميل المبيعات إلى أن تكون بخصم من صافي قيمة الأصول الأساسية.
ما فوائد الاستثمار في الشركات الناشئة؟
وترى الكاتبة أنه يمكن أن يمنح الاستثمار في الشركات الناشئة المستثمرين الرضا عن مساعدة شركة جديدة على الازدهار، فضلًا عن توفير مكافآت مالية مثل:
– إمكانات النمو: ففي حين أن الاستثمار في الشركات الناشئة يمثل مخاطر عالية، فإن هناك أيضًا إمكانية لتحقيق عوائد أعلى. ووفقًا لمنصة “كراود كيوب” (Crowd Cube)، حقق المستثمرون 19 ضعفا لحصتهم الأولية عندما بلغت قيمة البنك الرقمي “ريفولت” (Revolt) أكثر من مليار جنيه إسترليني في جولة الاستثمار الأخيرة. وبالمثل، حقق المستثمرون الأوائل في بنك “مونزو” (Monzo) المنافس عائدا بقيمة 15 ضعفا لاستثماراتهم الأولية في جولة التمويل الأخيرة.
– الاستثمار القائم على القيمة: حيث يوفر الاستثمار في الشركات الناشئة فرصة لمن يرغب من المستثمرين في دعم الشركات التي تتماشى مع قيمهم الشخصية.
– الروابط الشخصية: حيث يدعم العديد من الشركات الناشئة من خلال الاستثمار أصدقاؤهم وعائلاتهم الذين يؤمنون بمفهومهم وقدرتهم على النجاح.
– الشعور بالإنجاز: يستمتع بعض المستثمرين بدعم رواد الأعمال ومشاهدة نجاحهم بشكل مباشر.
ما مشكلات الاستثمار في الشركات الناشئة؟
توضح الكاتبة أن الاستثمار في الشركات الناشئة ليس للجميع، خاصة المستثمرين الذين لا يريدون المخاطرة بخسارة أموالهم، وذلك للأسباب التالية:– مخاطر عالية: وفقًا للإحصاءات، تفشل 10% من الشركات الناشئة في السنة الأولى، ويبقى 40% فقط على قيد الحياة 4 سنوات أو أكثر، وسيخسر العديد من المستثمرين في الشركات الناشئة بعض أموالهم أو كلها، ولكل قصة نجاح، يسبقها محاولة فاشلة، ولهذا يُعدّ توزيع استثماراتك على عدد من الشركات الناشئة، أو الاستثمار في صندوق رأس المال الاستثماري، من طرق تقليل هذه المخاطر.
– طول مدة الاستثمار: حتى لو نجحت الشركة الناشئة، فمن المرجح تقييد الأموال المستثمرة في الشركات الناشئة لمدة 5 سنوات على الأقل، وربما لمدة أطول.
– التقييم: يجب أن تقوم الشركة الناشئة بتقييم كل عملية جمع تبرعات للأسهم حيث يُعدّ تقييم الشركة الناشئة أمرًا صعبًا جدا، لا سيما إذا لم تحقق ربحًا بعد، أو حتى إيرادات كبيرة، ويمكن أن تكون توقعات التقييم للمؤسسين مفرطة في التفاؤل، لا سيما من حيث نمو الأرباح المتوقعة.
– نقص الدخل: بخلاف صناديق “رأس المال الاستثماري” (VCTs)، من غير المرجح أن تحصل على دخل، مثل توزيعات الأرباح، من الاستثمار في الشركات الناشئة.
-عدم القدرة على بيع استثمارك: الأسهم في الشركات الناشئة غير سائلة، ومن غير المرجح أن تتاح للمستثمرين فرصة بيع أسهمهم ما لم يتم بيع الشركة أو طرحها أو تلقي مزيد من التمويل.
كم يجب أن تستثمر في الشركات الناشئة؟
ولفتت الكاتبة إلى أن الاستثمار في الشركات الناشئة يُعدّ مخاطرة عالية مع احتمال تكبد خسائر، فتنصح باستثمار مبالغ صغيرة إلى متوسطة الحجم في كثير من الشركات.
وتبين الكاتبة أن الاستثمار في صندوق رأس المال الاستثماري قد يقلل أيضًا من مخاطر فشل الشركة الناشئة من خلال توفير محفظة متنوعة من الشركات.
الجزيرة