رفعت الحكومة المصرية سعر السولار للمرة الأولى منذ منتصف عام 2019، كما رفعت أسعار باقي المشتقات البترولية في السوق المحلي للمرة الثالثة هذا العام.

واستثنت الحكومة طوال 3 سنوات السولار (أحد أكثر مشتقات البترول استخداما في الزراعة والصناعة والنقل) من سياسة التسعير التي تجريها بشكل دوري كل 3 أشهر لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية.وكان هذا الإجراء يهدف إلى الحفاظ على حدة ارتفاع الأسعار وكبح جماح التضخم في الأسواق المصرية، باعتبار السولار مصدر الطاقة الرئيسي في العديد من القطاعات الإنتاجية بالبلاد.

ورفعت الحكومة المصرية الأربعاء الماضي أسعار مشتقات الوقود المبيع في السوق المحلية للفترة بين يوليو/تموز الجاري حتى سبتمبر/أيلول المقبل بين 50 و100 قرش (نصف جنيه إلى جنيه) بسبب ارتفاع أسعار النفط عالميا.

وتقدر وزارة المالية سعر برميل النفط عند 80 دولارا (الدولار يعادل 18.88 جنيها) في موازنة العام المالي الجاري 2022-2023، مقابل 75 دولارا في العام السابق 2021-2022، إلا أنه يتجاوز 100 دولار في السوق العالمية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

ووفق الأسعار الجديدة بعد زيادة بنسبة بين 5 و10% (الحد الأقصى للزيادة)، ارتفع سعر لتر السولار من 6.75 إلى 7.25 جنيهات.

وصعد سعر لتر “البنزين 80 أوكتان” من 7.5 إلى 8 جنيهات، وارتفع سعر لتر “البنزين 90 أوكتان” من 8.75 إلى 9.25 جنيهات، وسعر لتر “البنزين 95 أوكتان” من 9.75 إلى 10.75 جنيهات.

السولار أهم المشتقات في مصر.. لماذا؟
لمعرفة مدى أهمية السولار في بلد يعتمد على الزراعة والصناعات الخفيفة والغذائية والنقل فإن مصر تستهلك منه نحو ضعف ما تستهلكه من جميع مشتقات البنزين سنويا بنحو 12 مليون طن من السولار وحوالي 6.7 ملايين طن من البنزين.

وقفزت قيمة واردات مصر من السولار إلى 836.9 مليون دولار خلال الربع الأول من 2022 مقابل 440.8 مليون دولار خلال نفس الفترة من 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 89.8%، وفق ما نقلته صحف محلية عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (رسمي).

وبلغ استهلاك مصر من السولار 3.4 ملايين طن خلال الربع الأول من عام 2022 مقابل 3.1 ملايين طن خلال نفس الفترة من عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 9.2%.

وفي ما يتعلق بالإنتاج أنتجت مصر 2.6 مليون طن من السولار خلال الربع الأول من عام 2022 مقابل 2.2 مليون طن خلال نفس الفترة من عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 16.5%.تبرير الحكومة
بررت الحكومة المصرية قرار رفع مشتقات البترول بأنه “يأتي في إطار متابعة المعادلة السعرية “بصورة ربع سنوية” لتتناسب مع التغيرات في أسعار الطاقة العالمية وسعر الصرف”.

وصرح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في بيان بأن “ما يتم اتخاذه من قرارات لتحريك أسعار المنتجات البترولية إنما يأتي بهدف الحفاظ على ثروة البلاد البترولية وتجنيب موازنة الدولة المزيد من الأعباء، مما يمكنها من مواجهة ضغوط التضخم العالمية”.

تداعيات رفع سعر السولار
بدوره، توقع الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم نوار أن يرتفع التضخم مجددا، وقال “من المؤكد أن رفع أسعار الوقود -بما في ذلك السولار- سيسهم في زيادة قوة دفع معدل التضخم نتيجة زيادة أسعار النقل والمواصلات وتكاليف الإنتاج الزراعي”.

وأوضح نوار في تصريحات للجزيرة نت أن تشغيل المعدات الزراعية مثل الجرارات وماكينات المياه وغيرها يعتمد على السولار بشكل أساسي، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، خصوصا الخضروات.

واستبعد أن يكون للأمر علاقة بمفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي للحصول على شريحة جديدة من الدعم المالي، وأكد أن رفع أسعار الوقود “مرتبط بالآلية المعلنة لمراجعة الأسعار مرة كل 3 أشهر، ولا علاقة له بالمفاوضات الجارية حاليا مع الصندوق، هذا مرتبط بارتفاع الأسعار في السوق العالمية”.

وكان التضخم في مصر تراجع في يونيو/حزيران الماضي بشكل طفيف إلى 13.2% من 13.5% لأول مرة منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على أساس سنوي بدعم أساسي من انخفاض أسعار الخضروات والفاكهة، بحسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

لماذا رفعت الحكومة سعر السولار لأول مرة منذ 30 شهرا؟
من جهته، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إن تثبيت سعر السولار وعدم تحريكه خلال الفترة الماضية “كان مراعاة للبعد الاجتماعي والظروف الاقتصادية التي فرضتها جائحة كورونا رغم الزيادات المتتالية في أسعار خام برنت وارتفاع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وهو الأمر الذي ساهم في ارتفاع التكلفة وأدى لزيادة قيمة فاتورة الدعم مرة أخرى نتيجة فروق الأسعار المحلية والعالمية”.

وقدرت وزارة المالية دعم المواد البترولية بنحو 28.09 مليار جنيه خلال موازنة العام المالي 2022-2023 مقابل 22.4 مليار جنيه في العام المالي الماضي 2021-2022 نتيجة ارتفاع أسعار النفط والتغير في سعر الصرف.التأثير على الزراعة والمواد الغذائية
بدوره، يرى الأستاذ المساعد في مركز البحوث الزراعية سابقا الدكتور عبد التواب بركات أن “العلاقة بين أسعار السولار وتكلفة الإنتاج الزراعي والإنتاجية علاقة وثيقة، فتكلفة خدمة الأرض المخصصة لزراعة المحاصيل ومعاملات الزراعة والري تزيد بزيادة أسعار السولار”.

وأضاف بركات للجزيرة نت أن أسعار المنتجات الزراعية والخضروات والفاكهة ترتفع بزيادة تكلفة نقل المنتجات الزراعية من مناطق الإنتاج البعيدة عن المدن إلى الأسواق، حيث تزيد تكلفة النقل في مصر عن كثير من الدول بسبب المبالغة في تحصيل تعريفة المرور على الطرق التي تحصلها شركات تابعة مباشرة للهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

وقد تتسبب زيادة سعر السولار -بحسب بركات- في انخفاض إنتاجية المحاصيل الغذائية في مصر بسبب عدم قدرة الفلاحين على دفع تكلفة الجرارات التي تعمل به، وتزيد أسعار المنتجات الزراعية الغذائية التي تحتاج إلى تجهيز وفرز وتعبئة وتغليف في محطات التعبئة بسبب زيادة أجرة العمالة اليومية والموسمية الناتجة عن زيادة تعريفة وأجرة نقل العمال من أماكن سكنهم في القرى إلى مواقع المحطات البعيدة.

وفي ما يتعلق بزيادة تعريفة ركوب وسائل المواصلات فقد حددتها الحكومة المصرية بين 5 و7% على جميع الخطوط الداخلية بالمحافظة والخارجية بين المحافظات، لكن السائقين لا يلتزمون بتلك التعريفة.

الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على