تلجأ الدول عادةً إلى سياسة إلغاء أصفار من العملة للخروج من مأزق ما، وكانت إيران هي المثال الأحدث الذي يعتزم تنفيذ خطوة كهذه، لتنضم بذلك إلى آخرين مثل فنزويلا وتركيا والأرجنتين والبرازيل.
وحذف الأصفار هي عملية تعني استبدال العملة القديمة بأخرى جديدة قيمتها تقل عن السابقة بمقدار عدد الأصفار المخفضة، فعلى سبيل المثال عند إلغاء 6 أصفار من عملة ما فإن كل مليون من العملة القديمة ستتحول إلى فئة واحدة فقط من العملة الجديدة بحسب التعديل.
وتوجد أسباب مختلفة قد تدفع الحكومات لاتخاذ قرار بإزالة الأصفار من قيمة العملة لكن هناك خمسة دوافع أساسية.
وتكمن هذه الأسباب الخمسة في الحصول على الائتمان الدولي، واستعادة الثقة، إضافة إلى السيطرة على سوق العملات، وتقليل الضغوط التضخمية، فضلاً عن منع عملية استبدال العملة بعملات أجنبية، بحسب موقع “مباشر”.
وبحسب دراسة أميركية صادرة عن جامعة “نروث كارولينا”؛ فإنه توجد 70 حالة حذف أصفار من العملات منذ عام 1960.
وتخلصت 19 دولة من الأصفار في عملاتها المحلية مرة واحدة فيما لجأت 10 دول لمثل هذه الخطوة مرتين.
وشهدت الأرجنتين إزالة الأصفار 4 مرات بينما عمدت يوغوسلافيا السابقة (صربيا) إلى هذا الحذف 5 مرات، وتخلصت كذلك البرازيل من أصفارها 6 مرات.
وقررت بوليفيا التخلص من الأصفار مرتين في حين أن كلاً من أوكرانيا وروسيا وبولندا أقبلت على هذا الإجراء 3 مرات بينما نفذت تركيا وكوريا وغانا تلك الخطوة مرة واحدة فقط.
ومن أبرز تلك الحالات كانت البرازيل التي عانت من تسارع التضخم لمستوى 2000 بالمائة في عام 1993 ورغم أن كافة محاولات التدخل الحكومي عبر إزالة الأصفار أو تغيير اسم العملة باءت بالفشل إلا أنها نجحت في ذاك العام من كبح الزيادة الحادة بمؤشر أسعار المستهلكين عبر التخلص من 3 أصفار من العملة.
ومنذ عام 1930 وحتى أوائل القرن الحالي؛ فإن البرازيل شهدت التخلص من 18 صفراً في 6 مرات كما تم إعادة تسمية العملة 8 مرات.
وقبل إلغاء العملة المحلية والتحول إلى اليورو، كانت ألمانيا أول من أقبلت على إزالة أصفار من عملتها الوطنية في أعقاب الحرب العالمية الأولى على خلفية الضغوط الاقتصادية التي لحقت بالبلاد ودفعت التضخم لمستويات مرتفعة.
وبالنظر إلى تجربة هولندا، نجد أنها قد تكون مثالاً إيجابياً على نجاح سياسة “إزالة الأصفار” عندما تكون مصحوبة بسياسات أخرى تتحكم في السيولة.
وكانت هولندا تعرضت إلى تضخم غير متوقع في عام 1960 دفع الحكومة لإصدار عملات ورقية بأرقام كبيرة في مسعى لتلبية احتياجات الأفراد في التعاملات اليومية.
وبدأت الحكومة الهولندية حينذاك سياسات صارمة بالإضافة لخفض 4 أصفار من العملات الورقية في البلاد، وهو الأمر الذي مكن الحكومة من السيطرة على حجم الأموال.
ولم تكن تركيا حالة شاذة أو فريدة في هذا الوضع الذي لم يتكرر، لكنها كانت سياسة فعالة وناجحة نسبياً بشهادة صندوق النقد الدولي بسبب القدرة على مكافحة التضخم.
وبعد أن كان الدولار يبلغ 1422 ليرة في عام 1988 وصل إلى أكثر من 5.1 مليون ليرة في عام 2003، لتتحول أكبر ورقة نقدية من العملة من فئة الـ5000 ليرة إلى مليون ليرة.
وفي يناير/كانون الثاني 2004 تم تمرير قرار إزالة 6 أصفار من الليرة التركية القديمة مع تأجيل خطوة التنفيذ لأوائل عام 2005، حيث أدخل للسوق عملات ورقية ومعدنية جديدة تسمى “نيو ليرة” على أن تكون المليون ليرة القديمة تساوي ليرة واحدة جديدة.
وفي الأول من يناير/كانون الثاني 2009، تم إزالة كلمة “نيو” من الاسم الرسمي للعملة المحلية لتركيا لتعود إلى اسمها السابق الليرة التركية.
وتعرضت زيمبابوي إلى أزمة تضخم جامح كذلك دفعتها لإزالة 3 أصفار من العملة في عام 2003 لكن من البديهي فشل هذا الإجراء الذي استمرت كفاءته لفترة قصيرة في ظل عدم تحرك الحكومة للقيام بأيّ خطوة أخرى فيما يتعلق بالسيطرة على التضخم.
وبعد مرور نحو 6 أعوام، قررت الحكومة الزيمبابوية آنذاك خفض 12 صفراً من قيمة العملة بأثر فوري؛ ما يعني أن 1 تريليون دولار زيمبابوي سوف يعادل دولاراً زيمبابوياً واحداً.
ومع تفاقم معدل التضخم في زيمبابوي خلال عام 2008 اضطرت الحكومة إلى إلغاء عملتها في العام التالي مقابل استخدام عملات أجنبية أخرى وذلك قبل أن تعود في عام 2019 إلى التعامل بعملتها الأصلية (الدولار الزيمبابوي) مرة أخرى.
وفي محاولة لكبح التضخم الجامح، تلجأ فنزويلا من حين إلى آخر لخفض أصفار من قيمة عملتها “البوليفار” ورغم إشارات التحسن الطفيف لكن الصورة لا تزال قاتمة.
وفي منتصف عام 2019، أعلنت كاراكاس أنها بصدد إصدار 3 فئات جديدة من عملتها المحلية وهي 10 آلاف و20 ألفاً و50 ألف بوليفار وذلك بعد خطوات إزالة الأصفار المنفذة في العام الماضي.
وفي أغسطس/آب 2018 أعلنت فنزويلا إصدار عملة جديدة تلغي 5 أصفار من قيمة عملتها في ظل أزمة اقتصادية طاحنة في خطوة هي الخامسة من نوعها.
العربية نت