أدى خفض البنك المركزي المصري المفاجئ لأسعار الفائدة بهدف احتواء التداعيات الاقتصادية لوباء فيروس كورونا إلى تفاقم الضغوط على أوراق الدين بالبلاد، إذ يواصل حائزو أوراق الدين الحكومي التخلص منها في الأسواق العالمية.

قلص البنك المركزي المصري سعر الفائدة الرئيسي 300 نقطة أساس في اجتماع استثنائي يوم الاثنين، قائلا إنها خطوة ”استباقية“ لدعم الاقتصاد. وسجلت مصر 166 حالة إصابة بفيروس كورونا حتى الآن.

ومن المتوقع أن يضر التفشي، الذي يصيب الاقتصاد العالمي بالشلل، بقطاع السياحة الحيوي بالنسبة لمصر، والذي يسهم بنحو 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

لكن خطوة البنك المركزي تضيف مزيدا من الضغوط على أوراق الدين الخارجي المصرية، والتي تعاني منذ نهاية فبراير شباط في إطار موجة بيع بالأسواق الناشئة عموما.

وكتب محمد أبو باشا الاقتصادي لدى المجموعة المالية هيرميس يوم الثلاثاء ”شهدت السوق على الأرجح بعض النزوح الملحوظ في الأسبوعين الأخيرين“ وهو ما تجلى في تراجع الجنيه المصري 1.3 بالمئة مقابل الدولار.

وأضاف ”نعتقد أن تلك التدفقات النازحة، والمدفوعة بعزوف عالمي عن المخاطرة، ستستمر وربما في حقيقية الأمر تتسارع على المدى القصير في ضوء تنامي الضبابية.“

تراجعت أحجام بيع أذون الخزانة في عطاءات البنك المركزي بشكل حاد منذ أوائل فبراير شباط. ولم يبع البنك سوى أذون خزانة بقيمة 92 مليون جنيه مصري (5.86 مليون دولار) لأجل 91 يوما في عطاء يوم الاثنين، انخفاضا من 1.5 مليار جنيه في عطاء مماثل في 28 يناير كانون الثاني. ويشارك في العطاءات مستثمرون مصريون وأجانب.

وارتفعت عوائد السندات الدولية المستحقة في 2040 بواقع 15 نقطة أساس يوم الثلاثاء، بينما زادت عوائد السندات الدولارية البحرينية ذات التصنيف المماثل استحقاق 2047 خمس نقاط أساس. وتراجعت الأوراق المصرية المقومة بالدولار الأمريكي استحقاق 2029 نحو 15 نقطة أساس أيضا، بينما شهدت نظيراتها من البحرين تحسنا طفيفا.

وقالت زينة رزق المديرة التنفيذية لأدوات الدخل الثابت لدى أرقام كابيتال في دبي ”خفض البنك المركزي على غير المتوقع أسعار الفائدة 300 نقطة أساس، مما نجم عنه موجة بيع لكل من السندات المحلية والدولية. يجعل ذلك الدين المحلي أقل جاذبية مما قد يسرّع نزوح المحافظ.“

تعاني أسواق الأسهم أيضا في مصر، حيث هوى المؤشر الرئيسي أكثر من 30 بالمئة منذ أواخر فبراير شباط، عندما تنامت مخاوف فيروس كورونا.

ويوم الثلاثاء، تراجع مؤشر الأسهم القيادية 2.4 بالمئة، إذ نزل 25 من 30 سهما عليه، ليختم يوم الثلاثاء عند أدنى مستوياته منذ الثالث من نوفمبر تشرين الثاني 2016، وهو اليوم الذي خفضت فيه مصر قيمة العملة في مستهل برنامج إصلاح اقتصادي مدته ثلاث سنوات بدعم من صندوق النقد الدولي.

وبحسب رزق، فإن الضغط على ميزان المعاملات الجارية المصري، بسبب التراجع في السياحة، وعلى حسابها الرأسمالي، بسبب نزوح المحافظ، قد تضعف العملة المحلية أيضا.

فالحيازات الأجنبية للدين الحكومي المصري، بما في ذلك الأذون والسندات، شهدت تصاعدا على مدار السنوات القليلة الماضية بعد أن خفضت مصر قيمة عملتها وشرعت في إجراءات تقشفية لخفض العجز.

وقال بعض المحللين إن أسعار الفائدة على الدين المحلي لاتزال مرتفعة، رغم تخفيضات البنك المركزي.

وتضررت سوق السندات الحكومية المحلية في مصر في ظل بحث المستثمرين عن العوائد في عالم تدفع فيه البنوك المركزية أسعار الفائدة إلى أقل من أي وقت مضى.

وبلغت حيازات الأجانب من أذون الخزانة 289.43 مليار جنيه في نهاية يناير كانون الثاني، ارتفاعا من 532 مليونا في نهاية يونيو حزيران 2016، أي قبل فترة قصيرة من خفض مصر قيمة عملتها في إطار حزمة الإصلاحات الاقتصادية المدعومة من صندوق النقد.

رويترز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على