في ظل حقيقة أن سوق العمل يتغير بشكل سريع للغاية، فإن التساؤل الأكثر إلحاحاً يتمثل في؛ كيف سيبدو شكل الوظائف في المستقبل مع الفجوات الحادة في المهارات؟
وتشمل أنواع الوظائف الآخذة في الظهور في الاقتصاد العالمي مجموعة واسعة من المهن والمهارات، مما يعكس الفرص المتاحة للعمال، وفقاً لتقرير نشره منتدى الاقتصاد العالمي على خلفية منتدى “دافوس”.

لكن بالنسبة لكافة الفرص التي سوف ينتجها الاقتصاد، فإن هناك فجوات حادة في المهارات وفجوات بين الجنسين ينبغي معالجتها، حيث أن من شأن عدم معالجة أمور كهذه أن يفاقم المشكلة في المستقبل.

ومن المتوقع أن تؤدي الثورة الصناعية الرابعة إلى تحويل أكثر من مليار فرصة عمل – ما يقرب من ثلث الوظائف في جميع أنحاء العالم – في غضون العقد القادم.

ومن المتوقع كذلك أن يؤدي هذا التحول التكنولوجي إلى خلق 133 مليون فرصة جديدة، بحلول عام 2022.

وتقدم البيانات الأخيرة رؤية أفضل حول مستقبل سوق العمل، والتي تتمحور حول خمسة أشياء أساسية.

أولاً – هيمنة المهارات التقنية: رغم أن كل وظيفة ناشئة لا تتطلب بالضرورة مهارات تقنية، لكن كل وظيفة ناشئة بحاجة إلى مهارات أساسية في هذا الشأن مثل محو الأمية الرقمية.

ونظراً لأن التكنولوجيات مثل الذكاء الاصطناعي شائعة للغاية، فإن العديد من الوظائف في مجالات مثل المبيعات والتسويق ستتطلب فهماً أساسياً للذكاء الاصطناعي.

وتشهد المهارات التقنية طلباً قوياً في الخارج، حيث أن البلوكشين والحوسبة السحابية والاستنتاج التحليلي والذكاء الاصطناعي من بين تلك المهارات الأكثر طلباً على موقع “لينكد إن”.

ثانياً – وظائف تتطلب مهارات شخصية: في حين أنها لا تنمو بسرعة مثل الوظائف التي تهيمن عليها التكنولوجيا، إلا أن المبيعات الجديدة وإنتاج المحتوى ووظائف الموارد البشرية تظهر كذلك كمكمل لقطاع التكنولوجيا المتنامي بوتيرة متسارعة.

وأظهر البحث أن وظائف مثل متخصص في البحث عن وتعيين أصحاب المهارات وخدمة العملاء، ومساعدي مواقع التواصل الاجتماعي ضمن أسرع المهن نمواً.

ومن المرجح أن يستمر الطلب على المهارات الشخصية في الزيادة مع حقيقة أن الأتمتة أصبحت أكثر انتشاراً، حيث أن المهارات الأكثر طلباً مثل الإبداع والإقناع والتعاون جميعها أمور يستحيل عملياً إضفاء عليها الطابع الآلي.

ثالثاً – التطور السريع للوظائف: في حين أن البيانات تعكس مجموعة متنوعة من الفرص للعاملين، لكن المزيد من التحليل يكشف اختلالات مثيرة للقلق لدى أولئك الذين تسلحوا بأحدث المهارات.

وعلى سبيل المثال، أظهر بحث منتدى الاقتصاد العالمي حول أكبر الفجوات بين الجنسين في الوظائف الناشئة تكمن في مناصب تعتمد بشكل كبير على المهارات التقنية الثورية، حيث تمثل النساء في وظائف مثل الحوسبة أقل من 30 بالمائة (وبالنسبة للحوسبة السحابية فإنها تقل عن 12 بالمائة).

ومن الضروري سد تلك الفجوة؛ كون هذه المهارات التقنية من شأنها أن تترك آثاراً سلبية على اتجاه المجتمع والاقتصاد، ورغم وجود مساحة لتحسين التكافؤ بين الجنسين من خلال تبني تنوعاً أكبر وأكثر شمولاً في ممارسات التوظيف لكن هذا الأمر لن يكون كافياً لتحقيق التكافؤ.

رابعاً – مواهب غير مستغلة لسد الفجوات: علينا أن نفكر بشكل مبدع لشغر هذه المهارات والوظائف الناشئة حتى نمنع تزايد فجوات كهذه في المستقبل.

وتكمن بعض الحلول القابلة للتحقيق والتطوير، في أنه يمكن أن تساهم الاستفادة من المواهب الحالية بشكل كبير في التوسع السريع لإعداد المواهب.

وبإتباع نهجاً مماثلاً مع الفجوة بين الجنسين، تبين وجود مجموعات فرعية من المهارات التقنية الثورية، حيث تتمتع النساء بتمثيل أعلى يمكن أن توسع نطاق المواهب لمجموعة أوسع من الوظائف التقنية التي تعتمد بشكل كبير على المهارات التقنية.

خامساً – العلاقات الشخصية لاتزال هامة: في حين أن كلا النهجين يمكن أن يساعد في تحقيق تقدم ملموس إلا أن سد الفجوات في المهارات وبين الجنسين يعتمد على أكثر من مجرد التأكد من أن المواهب تمتلك المهارات الصحيحة.

ويشير بحث المنتدى الاقتصادي عن فجوة شبكة الانترنت، أن شخصين يتمتعان بالمهارات نفسها لكن النشأة كانت في مناطق مختلفة من حيث الدخل، يمكن أن يجعلهما من عالمين مختلفين عندما يتعلق الأمر بالفرص المتاحة لهما.

ماذا قالوا عن مستقبل الوظائف؟

“الحصول على التعليم المناسب والمهارات المناسبة والوظائف المناسبة، أهم الطرق التي تؤدي لضمان أن الأشخاص يتمتعون بكل ما هو لازم لتلبية حاجة الوظائف المتغيرة اليوم وأنواع الوظائف التي ستوجد في المستقبل”، وفقاً لما تقوله المدير العام للمنتدى الاقتصادي العالمي “سعدية زاهيدي”.

وتقول مساعد ومستشار الرئيس الأمريكي “إيفانكا ترامب” إن الصناعة تعرف ماهية الوظائف التي ستقوم بخلقها والوظائف التي سيتم استبدالها، وفي نفس الوقت باتت الشركات لديها شعور بالالتزام المدني أكثر من أي وقت مضى وأن البداية ستكون من داخل الشركة نفسها.

وأضافت أنه يجب التفكير في التعليم القائم على المهارات، حيث يهتم أرباب العمل بالمهارات.

وترى “جيني روميتي” رئيس والرئيس التنفيذي لشركة “آي.بي.إم” أن من الضروري تقييم المهارات وليس فقط الدرجات العلمية.

كما ناقشت وزيرة العمل الفرنسي “مورييل بينيكود” المهارات التي يجب أن تتعلمها القوى العاملة، قائلة: “أولاً، اعتقد أنها مهارات شخصية، ربما تكون أكثرها صعوبة في التعلم لكنها على الأرجح الأكثر أهمية على المدى الطويل”.

وتابعت: “وثانياً، هو التعلم وهو ما يعني الفضول، حيث سيتمتع الأشخاص بمجموعة من المهارات التي ستكون فريدة لكل شخص كونهم سيتعلمون الذكاء الاصطناعى وكذلك المهارات الشخصية”

وأكدت أن هذا المزيج من المهارات من شأنه أن يحدث فارقاً مع مرور الوقت، كونه سيكون بمثابة عملية مستمرة.

مباشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على