ما بين دعوات للاحتفاظ بالسيولة النقدية، وبين اعتبارها بلا قيمة، يلوح في الأفق صراعاً حول “الكاش”.

وبحكم التعريف، فإن السيولة النقدية (الكاش) تعتبر واحدة من أكثر أدوات الاستثمار المتاحة أماناً، وخاصةً عندما يتعلق الأمر بالدولار الأمريكي.

ويمكن للمستثمرين الذين يتمتعون بقدر كبير من السيولة الاستفادة في أوقات الفترات الهابطة للسوق وشراء أسهم الشركات عالية الجودة بأسعار رخيصة.

وفي الغالب، ينظر إلى السيولة المفرطة في المحفظة الاستثمارية على أنها مكون خالي من المخاطر، حيث أن القيمة الاسمية للدولارات لن تشهد هبوطاً ولا صعوداً.

لكن من منظور اقتصادي، مع ذلك، فإن تلك المسألة ليست صحيحة بشكل تام، حيث أن التضخم يمكن أن يقلل بشكل ملحوظ من القوة الشرائية لأيّ عملة، وهو أحد الأسباب التي تفسر سبب مساهمة الكاش كاستثمار في تآكل القيمة الحقيقية للمحفظة الاستثمارية.

وخلاصة القول، أن التضخم ينفي صحة المقولة القائلة إن السيولة النقدية تعتبر بمثابة استثمار آمن.

ومن هذا المنطلق، يوجد فريقين؛ أحدهما مؤيد لفكرة الاحتفاظ بالسيولة النقدية بل ويسلك اتجاهاً واضحاً في هذا الشأن مثلما يفعل الملياردير الأمريكي “وارن بافيت”.

وفي أوائل شهر ديسمبر/كانون الأول، فإن “بافيت” أثار قلق الأسواق بعد انسحابه من إبرام صفقة لشراء “تيك داتا” بقيمة 5 مليارات دولار تقريباً، رغم امتلاك شركته “بيركشاير هاثواي” سيولة تبلغ حوالي 128 مليار دولار في تلك الفترة.

ويؤيد هذا الاتجاه، الملياردير الكندي “جيم باتيسون” والذي صرح في العام الماضي بأن شركته تفضل تسييل الأصول والاحتفاظ بالكاش استعداداً لموجة هبوطية محتملة مع عدم اليقين العالمي.

وكان هذا التوجه سائداً في الآونة الأخيرة، حيث يعتقد “جي.بي.مورجان” أن الكاش يقدم عوائد أفضل من حيازة الأسهم عند المقارنة بالمخاطر، ليرفع توصيته بزيادة الوزن من النقد في المحفظة الاستثمارية خلال 2020.

وكان المستشار الاقتصادي “محمد العريان” من بين أولئك الذين يفضلون الاحتفاظ بالكاش كونه يمنح المستثمرين المرونة الكافية للتصرف في ظل حالات عدم اليقين.

وعلى الجانب الآخر، هناك فريقاً يعارض هذه الرؤية تماماً داعياً إلى ضرورة استغلال الكاش في زيادة الاستثمار وتنويع المحفظة الاستثمارية.

ويعتقد مدير أكبر صندوق للتحوظ حول العالم “راي داليو” أن الكاش بلا قيمة، محذراً من فقدان فرصة مكاسب السوق في الوقت الحالي.

وقال: “الكاش بلا قيمة، تخلصوا من الكاش، لا يزال هناك الكثير من الأموال في هيئة السيولة، خفض سعر الصرف وطباعة النقود على مدار الأعوام القليلة القادمة سيكون شيئاً هاماً”.

ويمكن أن تكون نصيحة “داليو”، التي في العادة تكون مدعومة بالنظريات الاقتصادية، والتي تتمثل في التخلص من النقود “صحيحة”، حيث تفوقت الاستثمارات في الأسهم على جميع فئات الأصول في السنوات الأخيرة على أساس العائد الحقيقي.

ويأتي هذا الصراع بين الفريقين في الوقت الذي تقف فيه السيولة النقدية بالمحافظ الاستثمارية عند أدنى مستوياتها منذ مارس/آذار عام 2013، وفقاً للمسح الشهري عن يناير/كانون الثاني الجاري من “بنك أوف أمريكا – ميريل لينش”.

مباشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على