تواصل البنوك المركزية حول العالم توسيع دائرة تيسير السياسة النقدية في مسعى لدعم الاقتصاد المتباطئ، ليكون الأسبوع الماضي مزدحماً بقرارات صناع السياسة في مختلف الدول.
ورغم أن بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي لم يدخلا أية تعديلات على سياساتهما النقدية في الاجتماع الأخير هذا العام، إلا أن آخرين مستمرون في خفض الفائدة.
وشهد الأسبوع الماضي 18 قراراً بشأن السياسة النقدية يتفاوت بين التثبيت كما في حالة أكبر بنكين مركزين حول العالم وبين الخفض مثل تركيا وروسيا وغيرهما الكثير.
لكن مع ذلك كان هناك حالة واحدة خالفت هذا الاتجاه وهي جورجيا، والتي رفعت معدل الفائدة من 8.5 بالمائة إلى 9 بالمائة، وذلك لظروف خاصة بالدولة تتمثل في محاولة تقليل الضغوط على قيمة العملة المحلية للبلاد.
وفي نفس السياق، هناك حقيقة مؤكدة يجب ألا يتم تجاهلها والتي تكمن في أن البنوك المركزية تنفذ من الأدوات التي تمكنها من مواجة أيّ مأزق كما كان الحال في الأزمة المالية العالمية، حيث أنها كانت المنقذ الرئيسي في ذلك الحين لكن بعد مرور عقد تقريباً بات الوضع أكثر هشاشة ويحتاج إلى تدخل سياسات أخرى.
وقرر الفيدرالي الإبقاء على سياسته النقدية كما هي حتى يُبدي الاقتصاد إشارات جديدة تدفعه لتغيير موقفه، مع الإشارة لعدم تحريك الفائدة في العام المقبل قبل رفعها مرة واحدة في عام 2021.
وكان الفيدرالي خفض معدل الفائدة في ثلاثة اجتماعات متتالية منذ يوليو/تموز الماضي بما مجموعه 75 نقطة أساس؛ ليقف عند نطاق يتراوح بين 1.50 إلى 1.75 بالمائة.
تحركات الفائدة في الولايات المتحدة خلال عام – (المصدر: تريدينج إيكونوميكس)
ويرى رئيس المركزي الأمريكي جيروم باول أن البنك لن يقبل على خطوة زيادة معدل الفائدة ما لم يتسارع التضخم مع التأكيد على أن التوقعات الاقتصادية إيجابية.
وفي الاجتماع الأول للمركزي الأوروبي تحت قيادة كريستين لاجارد والأخير هذا العام، ثبت البنك معدلات الفائدة كما أكد الاستمرار في برنامج شراء الأصول بوتيرة شهرية تبلغ 20 مليار يورو بداية من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وتشير لاجارد إلى الاستمرار على النهج نفسه حتي يتقارب التضخم من المستهدف مع التأكيد على مواصلة برنامج مشتريات الأصول طالما كان ذلك ضرورياً.
وفي الوقت نفسه، تخطط الرئيسة الجديدة للمركزي الأوروبي مراجعة استراتيجية أهداف وأدوات السياسة في شهر يناير/كانون الثاني المقبل وإتمام تلك المهمة بحلول نهاية العام ذاته.
وفي خطوة تحدث للمرة الرابعة على التوالي، قرر البنك المركزي في تركيا خفض معدل الفائدة من 14 إلى 12 بالمائة في اجتماعه الأخير هذا الأسبوع، وهو ما كان يفوق توقعات المحللين التي كانت ترى خفضا نسبته 1.5 بالمائة فقط.
ومع تعافي محلوظ في الأداء الاقتصادي إضافة إلى تراجع معدل التضخم لمستوى 10 بالمائة، تمكن المركزي التركي من تنفيذ سياسة تيسيرية حادة هذا العام، عبر تقليص الفائدة 12 بالمائة في غضون أربع اجتماعات متتالية، وذلك منذ تولي مراد أويصال قيادة البنك بعد الإقالة المفاجئة لسلفه.
تحركات الفائدة في تركيا خلال عام – (المصدر: تريدينج إيكونوميكس)
ولم تكن تركيا الدولة الوحيدة التي اتخذت قراراً بخفض الفائدة 200 نقطة أساس في الأسبوع الماضي، لكن قامت كل من أوكرانيا ومولدوفا بإتباع نفس المسار.
وتراجعت الفائدة في أوكرانيا من 15.5 إلى 13.5 بالمائة في حين أن مولدوفا شهدت تقليص الفائدة من 7.5 إلى 5.5 بالمائة.
وخفضت كذلك كل من روسيا والبزاريل معدل الفائدة بنحو 25 و50 نقطة أساس على الترتيب ليقف معدل الفائدة عند 6.25 بالمائة في الأولى و4.5 بالمائة في الأخيرة.
ويعتبر قرار موسكو بالخفض هو الخامس من نوعه هذا العام، مع تباطؤ التضخم في بلاد الدب الأبيض، كما أن تلك الخطوة توافقت على نطاق واسع مع التوقعات.
أما البرازيل، فقررت تقليص تكاليف الاقتراض لتحفيز الاقتصاد رغم هبوط العملة المحلية للبلاد والتي سجلت أدنى مستوياتها على الإطلاق في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، ليكون القرار الرابع من نوعه.
ومن بين الدول الأخرى التي خفضت معدل الفائدة كانت أذربيجان لكن بـ25 نقطة أساس، لتصبح الفائدة 7.5 بالمائة بدلاً من 7.75 بالمائة.
وكان الأسبوع الماضي كذلك شاهداً على عدم تغيير في موقف السياسة النقدية، مثل سويسرا والتي تُبقي الفائدة عند مستوى -0.75 بالمائة.
ويأتي القرار السويسري بفعل قوة العملة المحلية (الفرنك)، حيث أكد البنك أنه لا يزال على استعداد للتدخل في سوق الصرف الأجنبي كلما كان ذلك ضرورياً.
وهناك الكثير من الحالات التي اتبعت النهج نفسه، مثل الفلبين وبيرو وآيسلندا وكازاخستان وأرمينيا وصربيا وأوغندا وموزمبيق.
ويسبق تلك القرارات 7 اجتماعات للسياسة النقدية في دول أخرى اتخذت قرارها الأخير هذا العام بشأن معدل الفائدة كان أبرزها تثبيت الهند (5.15 بالمائة) وأستراليا (0.75 بالمائة) وتشيلي (1.5 بالمائة).
ومن المقرر أن يكون الأسبوع الثالث من هذا الشهر حافلاً أيضاً بالمزيد من قرارات السياسة النقدية في المملكة المتحدة واليابان وتايلاند وتايوان وآخرون.
مباشر