شهدت القاهرة، خلال الأسبوع الماضي، انعقاد “منتدى مصر والإمارات للتجارة والاستثمار”، بحضور رسمي مصري على رأسه طارق عامر محافظ البنك المركزي، وعمرو نصّار وزير التجارة والصناعة، واللواء محمد العصار وزير الدولة للإنتاج الحربي.
ومثَّل الجانب الإماراتي عبد الله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد الإماراتيَّة لشؤون التجارة الخارجيَّة، وجمال الجروان الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، وجمال السادات رئيس الجانب المصري بمجلس الأعمال المصري الإماراتي المشترك.
ويأتي المنتدى بعد نحو شهر من إطلاق مصر والإمارات منصة استثماريَّة بإجمالي استثمارات في قطاعات متعددة تصل جملتها إلى نحو 20 مليار دولار.
القاهرة وأبو ظبي… خريطة طريق للعلاقات المشتركة
وقال طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري، “حجم الإصدارات الدوليَّة للسندات التي قامت بها مصر وصل إلى نحو 20 مليار دولار، في ظل التطورات الكبيرة التي شهدها الاقتصاد على مدار الفترة الماضيَّة”.
وأضاف، في كلمته خلال فعاليات المنتدى، “حجم الطلبات الواردة على تلك الإصدارات وصلت قيمتها إلى نحو 70 مليار دولار”، مشيراً إلى أن “الثقة بالاقتصاد المصري زادت بصورة كبيرة، وهو ما أظهره الإقبال على الإصدارات الدوليَّة، التي كان آخرها طرح سندات لمدة 40 عاماً”.
وتحدَّث عمرو نصّار، وزير التجارة والصناعة المصري، عن أهميَّة “وضع خريطة طريق جديدة للعلاقات الاقتصاديَّة والتجاريَّة (المصريَّة – الإماراتيَّة) المشتركة، ترتكز على تحقيق الاستفادة القصوى من الإمكانات الكبيرة للبلدين للوصول إلى مستوى الشراكة الاستراتيجيَّة الشاملة”.
وقال نصار، “الدور المحوري لدوائر الأعمال بالبلدين في تفعيل منظومة العمل المشترك وترجمة العلاقات الثنائيَّة المتميزة لمشروعات ملموسة يصبُّ في مصلحة الاقتصادَين المصري والإماراتي على حد سواء”.
وأضاف الوزير المصري، “جهود التنسيق والتشاور المستمر بين حكومتي البلدين انعكست بصورة إيجابيَّة على زيادة حجم التبادل التجاري بينهما”.
وقال محمد سعيد العصار، وزير الدولة للإنتاج الحربي، “الحكومة المصريَّة تنتهج سياسات من شأنها تشجيع الاستثمار الأجنبي”، مشيراً إلى أن وزارته “تزخر بالتكنولوجيا الحديثة والمتطورة”.
وسجل حجم التبادل التجاري بين مصر والإمارات العام الماضي نحو 3 مليارات دولار، منها نحو 1.9 مليار دولار صادرات مصريَّة، و1.1 مليار دولار واردات.
إزالة المعوقات أمام المستثمرين
وحول المعوقات التي تواجه المستثمرين الإماراتيين، قال جمال السادات، رئيس الجانب المصري بمجلس الأعمال المصري الإماراتي المشترك، “السياسات التي تنتهجها مصر حالياً تهيئ المناخ الجاذب الاستثمار، وتزيل العقبات أمام المستثمرين”، موضحاً “المجلس تمكَّن من حل أكثر من 80% من المعوقات أمام المستثمرين الإماراتيين”.
وعلى الجانب الآخر توقَّع عبد الله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجيَّة بالإمارات، “ارتفاع حجم التبادل التجاري بين القاهرة وأبو ظبي إلى 6 مليارات دولار بنهايّة 2019، محققة نمواً قدره 10% مقارنة بـ2018”.
بينما قال جمال الجروان، الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، “مصر أفضل دولة للاستثمار حالياً. يستطيع المستثمر أن يحقق فيها عائداً كبيراً على مستوى العالم”.
وأضاف، “أبو ظبي تستهدف أن تصل استثماراتها في القاهرة إلى 14 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، في ظل غنى السوق المصريَّة بالفرص والقطاعات ذات الإمكانات الواعدة والقادرة على استيعاب الاستثمارات الإماراتيَّة العملاقة”.
وتستحوذ الإمارات، حسب بيانات هيئة الاستثمار المصريَّة، على 21% من حجم الصادرات المصريَّة، بما يقدر بنحو ملياري دولار.
وتبلغ حجم الاستثمارات الإماراتيَّة على الأراضي المصريَّة نحو 7.2 مليار دولار في نحو 1165 شركة في قطاعات: العقارات والسياحة والترفيه والنفط والطاقة والأغذيّة والزراعة والاتصالات تكنولوجيا المعلومات.
هل تستثمر الإمارات في القطاع الزراعي المصري؟
من جانبهم ثمَّن الخبراء العلاقات الاستراتيجيَّة والاقتصاديَّة والسياسيَّة بين مصر والإمارات، لكن في الوقت نفسه طالبوا بالتوسع الاستثماري في قطاعي الزراعة والصناعة.
يقول الدكتور هاني توفيق، عضو مجلس إدارة هيئة الاستثمار المصريَّة السابق، “الاستثمارات الإماراتيَّة على أرض مصر منذ 20 عاماً تتركز في قطاعات محددة”، موضحاً “أغلب المستثمرين الإماراتيين يتجهون إلى قطاعي العقارات والاتصالات، وبشكل محدود في الاستثمار الزراعي”.
وأضاف، في حديثه مع “اندبندنت عربيَّة”، “لم نرَ استثمارات في القطاع الصناعي أو الزراعي بكثافة، غالبيتها إمَّا في العقارات وإمَّا بالمراكز التجاريَّة الكبرى (المولات)”.
وتابع، “مثل هذه النوعيَّة من الاستثمارات لا تساعد على توفير فرص عمل كبيرة، ولا تمثل إضافة كبيرة للناتج المحلي الإجمالي المصري”.
وتبرز الاستثمارات الإماراتيَّة في مصر، حسب بيانات هيئة الاستثمار المصريَّة، في شركة (إعمار) التي بلغت محفظة استثماراتها بالقاهرة 3.3 مليار دولار في مشروعات عقاريَّة.
وكذلك شركة (ماجد الفطيم) البالغ حجم استثماراتها نحو 1.7 مليار دولار، وتستهدف التوسع أيضاً عبر ضخ استثمارات بقيمة مليار دولار إضافيَّة خلال الفترة المقبلة بإنشاء مراكز تجاريَّة جديدة.
أمَّا قطاع البنوك فيحظى بنحو 1.5 مليار دولار، بينما يستحوذ قطاع الاتصالات على نحو ملياري دولار في شركة (اتصالات مصر)، والقطاع الزراعي نحو 4 مليارات دولار في مشروع المليون ونصف المليون فدان.
الاقتصاد الحر والسوق المفتوحة
علاء السقطي رئيس جمعيَّة المشروعات الصغيرة والمتوسطة المصريَّة، قال “لا يمكن أن ننكر ضخ استثمارات إماراتيَّة بكثافة خلال السنوات الخمس الماضيَّة في مصر”.
وأضاف، في تصريحات خاصة، “لكنْ، العبرة ليست بضخ استثمارات فقط، لكن أن يتولَّد عنها قيمة مضافة للاقتصاد القومي، وتنعكس على المجتمع بزيادة فرص عمل، وتوفير منتجات، وبالتالي انخفاض أسعار”.
وأكد السقطي، “هذا لا نلمسه في الاستثمارات الإماراتيَّة التي أغلبها عقاريَّة أو تنمويَّة بالتنسيق مع الدولة المصريَّة، مثل إنشاء مدارس جديدة أو جامعات”.
في المقابل قال علاء عمر رئيس هيئة الاستثمار السابق، “لا يمكن إجبار مستثمر سواء مصري أو أجنبي على ضخ استثمارات في قطاع بعينه، والتركيز عليه”.
ويرى عمر أن هذا “يتنافى مع الاقتصاد الحر والسوق المفتوحة”، ومحذراً من أن يسبب “نفور المستثمرين”.
واختتم، “المستثمر لن يضخ أمواله في مصر دون أن يحقق أرباحاً، أو بقطاع ربما يخسر فيه”.
اندبندنت عربية