الصفقة التجارية المرتقبة بين أكبر اقتصادين حول العالم، أحياناً تكون هدفاً بعيد المنال، وفي أحيان أخرى يكون العكس تماماً هو الواقع لتبدو أقرب مما هي عليه في الحقيقة.

وجاءت تحركات الأسواق العالمية خلال الأسبوع الماضي في الاتجاهين الصاعد والهابط تحت سيطرة تلك الصفقة الجزئية، التي يُعتقد أنها ستكون بمثابة هدنة من الاحتكاكات التجارية الممتدة منذ 17 شهراً تقريباً.

ونجحت أسواق الأصول الخطرة في حصد مكاسب ملحوظة مع ثقة متزايدة بأن الصفقة التجارية ستتحقق، لكن على النقيض عانت أصول الملاذات الآمنة، والتي تُعد بمثابة ملجأ للمستثمرين في أوقات عدم اليقين، قبل أن تتبدل الأدوار بنهاية الأسبوع.

واستهلت الأسواق العالمية الأسبوع الماضي على آمال قوية باقتراب توقيع المرحلة الأولى من الصفقة التجارية بدعم تعليقات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن تلك الخطوة “قريبة للغاية” بالإضافة لتصريحات الجانب الصيني التي أيدت الموقف ذاته.

وفي محاولة لمعالجة أحد الأمور الرئيسية الشائكة في المحادثات التجارية، أكدت الصين أنها ستقوم بتشديد العقوبات على انتهاكات حقوق الملكية الفكرية.

ودفعت الأنباء الإيجابية الناجمة عن تجدد التفاؤل التجاري أسواق الأسهم لتسجيل ارتفاعات ملحوظة بدعم شهية المخاطرة لدى المستثمرين وسط تقارير إعلامية صينية تؤكد أن واشنطن وبكين قريبتان للغاية من إتمام المرحلة الأولى من الاتفاق المرتقب.

وكان الجانبان اتفقا في أوائل شهر أكتوبر/تشرين الأول على بنود المرحلة الأولى من الصفقة والتي تمثل 60 بالمائة من إجمالي الاتفاق التجاري، ومنذ ذلك الحين والجميع في حالة تأهب استعداداً لتحديد موعد ومكان الصفقة.

وأجرى المفاوضون التجاريون مكالمة هاتفية صباح يوم الثلاثاء الماضي توصلا خلالها إلى توافق في الآراء بشأن حل النقاط الخلافية في الأمور التجارية، لكن لم يكن هناك المزيد من التفاصيل.

ومع مزيد من التأكيد على أن الصفقة التجارية على وشك الإتمام، تكون المكاسب سمة أساسية داخل أسواق الأسهم، حيث حققت “وول ستريت” مستويات قياسية جديدة.

لكن في الوقت نفسه، يرى كثيرون مثل وكالة “ستاندرد آند بورز” أن الحرب التجارية هي المعضلة الرئيسية أمام نمو الاقتصاد العالمي، حيث أن العلاقات التجارية المتوترة في حقيقة الأمر تضع ضغوطاً أكبر.

ومع النغمة المتفائلة التي أدت إلى تحسن شهية المخاطرة على خلفية تعليقات ترامب بأن البلدين في المراحل النهائية من المحادثات لتأمين المرحلة الأولى من الاتفاق، صعدت الأسهم الأوروبية قرب أعلى مستوى في 4 سنوات كما سجلت الأسهم الأمريكية مستويات قياسية جديدة.

وبعد أن صعدت الأسهم اليابانية لمدة أربع جلسات متتالية حتى الأربعاء الماضي، عاودت الهبوط يوم الخميس مع تعرض العلاقات بين أكبر اقتصادين حول العالم إلى ضربة جديدة وإن لم تكن على الصعيد التجاري تلك المرة.

وأدى قيام الرئيس الأمريكي بتوقيع مشروعي قانون لحماية المتظاهرين في هونج كونج، إلى إثارة مواجهة جديدة بين الولايات المتحدة والصين، خاصةً في ظل حقيقة أن الأخيرة ترفض التدخل في شؤونها الداخلية كون المدينة خاضعة للحكم الصيني.

وحذر السفير الأمريكي السابق لدى الصين “ماكس باكوس” من الآثار السلبية جراء هذا التوقيع، مع الإشارة إلى تلك الخطوة من شأنها زيادة سوء العلاقات بين البلدين.

وتسبب هذا الصدام الجديد بين واشنطن وبكين على الصعيد السياسي في عودة الشكوك التجارية، حيث وجهت الصين اتهامات للولايات المتحدة بـ”النوايا الشريرة” مع التحذير من أنها ستتخذ إجراءات مضادة صارمة.

ونتج عن هذا التصعيد السياسي تراجعاً في شهية المخاطرة لدى المستثمرين على خلفية إثارة المخاوف حيال الصفقة التجارية المرتقب توقيعها، وهو ما انعكس في أداء الأصول الخطرة مثل الأسهم الأوروبية والأسهم الصينية

ولم تكن الآثار الإيجابية أو السلبية كامنة في الأصول الخطرة والآمنة فقط، ولكن في كافة الأسواق ذات الصلة المباشرة بالأوضاع التجارية ليترك التفاؤل أو الشكوك بصمته على النفط والذي سجل خسائر أسبوعية بنحو 4.1 بالمائة.

وفي مجمل جلسات الأسبوع التي شهدت تقلبات قوية بين الصعود والهبوط، كانت المكاسب من نصيب الأسهم اليابانية، حيث ارتفع مؤشر نيكي الياباني بنحو 0.8 بالمائة أو ما يعادل 181 نقطة كما حققت الأسهم الأوروبية مكاسب على الصعيد الأسبوعي.

ورغم عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة، لكن البورصة الأمريكية تمكنت من حصد مكاسب أسبوعية، ليرتفع “داو جونز” بنحو 0.6 بالمائة.

وفي الوقت نفسه، تأثرت الأسواق المالية في الصين سلباً؛ لتغلق في الأسبوع الماضي عند أدنى مستوى في 3 أشهر مع حقيقة أنها سجلت خسائر أسبوعية.

لكن في المقابل، بعد أن كانت الخسارة هي السمة الغالبة داخل الأسواق الذهب، تحول للمكاسب مع تصاعد عدم اليقين بأن تؤثر العلاقات السياسية المتدهورة بين البلدين بشكل سلبي على الأمور التجارية وتدفع لمزيد من التأجيل في الصفقة التجارية.

وحقق الذهب صعوداً بلغ 7.40 دولار في جلسة الجمعة، لينجح في تفادي الخسائر الأسبوعية.

ومع كل هذا الاقتراب والبعد عن الصفقة التجارية، تنعكس المكاسب والخسارة داخل الأسواق العالمية بشقيها الخطرة والآمنة، ليظل المستثمرين في حالة ترقب للتطورات التجارية والسياسية بين أكبر قوتين اقتصادتين.

مباشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على