الأمر ليس سراً، منظمة أوبك حصرت نفسها في الاعتماد فقط على ضبط المعروض لتكون قادرة على تغيير الأسعار الدولية للنفط، لكن الآن الأسعار تتراجع بينما الأمر لا علاقة له بالمعروض.

ويشير تحليل نشره موقع “أويل برايس” إلى أنه حينما قدمت منظمة أوبك أول إعلان حول موافقة أعضائها على وضع سقفاً لإنتاجهم من أجل عكس أسعار الخام المنخفضة، فإن ذلك الإعلان نجح في تقديم المطلوب منه.

وكانت الأسعار تهاوت عند أدنى مستوياتها في أكثر من عقد من الزمان بفعل الطفرة في إنتاج النفط الصخري، ومحاولات أوبك لوقف ذلك عبر تحقيق أكبر معدل من التدفق للخام.

ولكن حينما أعلنت أوبك أنها ستخفض الإمدادات تعافت الأسعار ووفرت راحة أكثر من المطلوب إلى الاقتصادات التي تعتمد على النفط في منطقة الخليج، كما أنها وفرت الراحة لمنتجي النفط في كل أنحاء العالم بما فيهم منتحي النفط الصخري في الولايات المتحدة.

وتعافي إنتاج النفط الصخري لدرجة أن الإنتاج الأمريكي من الخام الآن عند أعلى مستوى على الإطلاق، وأصبحت الولايات المتحدة في العام الماضي أكبر منتج للنفط.

وفي الوقت نفسه فإن أوبك وحلفائها بقيادة روسيا قررا مجدداً خفض الإنتاج، ومع ذلك فإن الخفض هذه المرة لا يثبت نجاحاً في دعم الأسعار.

وبقيت الأسعار منخفضة رغم بعض الارتفاع العرضي قصير الآجل، وعلى الرغم أن سعر خامي “برنت” و”نايمكس” أعلى مما كان عليه قبل بدء جولة التخفيضات، إلا أن سعر خام “برنت” أقل بكثير مما يحتاج إليه أكبر منتجي الخام في المنظمة.

والسبب في أن تلك التخفيضات لا تؤدي الدور المطلوب منها هو أن محركي السوق لا يراقبون عملية الخفض، لكن يراقبون بدلاً من ذلك مباراة التعريفات بين واشنطن وبكين، تلك المباراة التي قد تضر الطلب العالمي على النفط، ووفقاً للمحللين فإن تلك المعركة تضر بالفعل الطلب ونتيجة لذلك تضر الأسعار.

وتقول هيما كروفت رئيسة استراتيجية السلع في “أر.بي.سي” إن عبء أوبك في الوقت الحالي هو أن تظهر استمرار امتلاكها الأدوات المناسبة لإحكام السيطرة على الأسعار المنخفضة بفعل سياسة البيت الأبيض.

وتضيف كروفت في مذكرة نقلتها لمحطة “سي.إن.بي.سي” الأمريكية: “قد يتم إثبات أن تحسين السوق الفعلي أسهل من التغلب على الشكوك حول الفعالية النهائية لاستراتيجيتها في عصر دونالد ترامب”.

ومن جانبه، قال جاسون لافيس شريك في منصة صناعة النفط “دريلرز” إن التراجع الحاد الأخير في أسعار النفط خلال الفترة من 2014 وحتى 2016 أظهر التأثير المنخفض لأوبك الآن على الأسعار.

وأضاف: “في الوقت الذي أعلنت أوبك فيه تخفيضات الإنتاج فإن طفرة إنتاج النفط الصخري الأمريكي أحبطت بسهولة أي ضغوط صعودية في الأسعار، كما تستمر العقوبات الحالية على إيران وفنزويلا في تخفيض تأثير أوبك”.

وحينما اجتمعت أوبك وحلفاءها في ديسمبر/كانون الأول الماضي اتفقوا على خفض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً، ووافقوا في يوليو/تموز على تمديد التخفيضات حتى نهاية العام الجاري أو حتى بداية 2020.

ولكن فعلياً إنتاج أوبك الآن منخفض بأكثر من 1.2 مليون برميل يومياً، فالعقوبات الأمريكية ضد إيران وفنزويلا تضر بحدة معدلات إنتاج تلك الدول، ورغم ذلك فإن خام “برنت” يحوم بعناد حول مستوى 60 دولاراً للبرميل.

واندمجت مخاوف الحرب التجارية مع الارتفاع المستمر في الإنتاج الأمريكي ليشكل ما يشبه “خدعة سيئة” ضد أوبك.

ويبدو أن الطريقة الوحيدة لرفع الأسعار هي الخفض الحاد للإنتاج، وهذه هي الطريقة الوحيدة المنطقية، مع حقيقة أننا رأينا سابقاً فشل استراتيية الحد الأقصى من الإنتاج.

ومع ذلك، فإن مزيد من التخفيضات في مستويات الإنتاج قد يعني خسائر بحصة السوق، وأي تغير في الأسعار قد لا يكون كبيراً بالدرجة الكافية لتبرير تلك الخسائر.

وفي هذا السياق، فإنه من المشكوك فيه بنسبة كبيرة أن توافق روسيا وأعضاء أوبك على خفض إنتاجهم النفطي بصورة أكبر.

وقد يعني ذلك أنه لن يتبقى أمام “أوبك” سوى أن تجلس لتراقب تطورات الحرب التجارية وتأمل حدوث اتفاق تجاري قد يكون بمثابة معجزة لدفع الأسعار نحو الارتفاع.

مباشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على