يعد مجال الشركات الناشئة من المجالات الحيوية في المنطقة العربية مؤخرا، والذي يقوم بشكل أساسي على سد احتياجات السوق في قطاع ما من القطاعات المختلفة مثل التعليم والثقافة والصحة والأمن وغيرها، إلا أن تلك الشركات تظل متأرجحة بدرجات كبيرة بين النجاح الكبير أو الإخفاق الذريع.
واحدة من تلك الشركات التي حققت قفزة نوعية في قيمتها السوقية خلال السنوات الماضية والتي بلغت 3 ملايين دولار أميركي، كانت منصة “كتبنا” للنشر الشخصي، والتي تهدف لمساعدة الكتّاب الشباب على نشر أعمالهم بشكل سهل وعبر خدمات متنوعة من شأنها الوصول بالعمل إلى جمهور واسع من القراء.
وأجرت وكالة سند للرصد والتحقق الإخباري بشبكة الجزيرة، حوارا مطولا مع الشاب المصري محمد جمال، مؤسس شركة كتبنا، والذي اختير من أفضل 50 رائد أعمال أفريقي لعام 2022، من قبل مؤسسة “أفريقا بيزنس هيرو” (Africa’s Business Heroes).
وتحدث جمال عن رحلته في تأسيس شركته الخاصة، وأهدافه المستقبلية، إلى جانب مميزات العمل في مجال ريادة الأعمال، والجيل الحالي من الكتاب العرب، حيث أكد على أنه يتمتع بسمات وأسلوب خاص نظرا لتوفر مصادر عديدة لاستلقاء الأفكار والاطلاع الواسع على الثقافات المختلفة، بالإضافة إلى إتقان الأدوات الأدبية والأكاديمية في الأعمال المتخصصة.
وإلى نص الحوار.
في البداية حدثنا عن نفسك، من محمد جمال؟
اسمي محمد جمال، مؤسس منصة كتبنا للنشر الشخصي، تخرجت عام 2014 في مجال هندسة الحاسب، وعملت لـ 12 عاما في مجال البرمجيات والشركات الناشئة في مجال تقنية المعلومات.
لماذا قررت ترك الهندسة والبدء في تأسيس شركتك الخاصة؟
إلى جانب عملي في مجال الهندسة، فأنا أعمل ككاتب روائي، وفي عام 2014، حاولت نشر أولى أعمالي من خلال التوجه لأكثر من 20 دار نشر مصرية وعربية، ولمست صعوبة الأمر لأي كاتب في مقتبل مسيرته، وقررت وقتها استغلال خبرتي في مجال البرمجيات في بناء منصة تساعد الشباب العربي والمصري للوصول إلى خدمات النشر الشخصي سواء إلكترونيا أو كتابيا أو صوتيا والتربح من أعماله.
هناك من يرى أن معدل القراءة بين الشباب يقل، ما رأيك في هذا الأمر؟
هناك مفاهيم خاطئة وشائعات يتم ترويجها عن عزوف العرب عن القراءة، وهو أمر خاطئ تماما، فحدث واحد مثل معرض القاهرة الدولي للكتاب يزوره سنويا من 5 إلى 6 ملايين قارئ، الأمر ذاته بالنسبة لمنصات القراءة الإلكترونية، حيث يمكن أن تتخطى عدد مرات تحميل كتاب واحد أكثر من 50 ألف مرة.
التحدي يكمن في إمكانية الوصول إلى القارئ بشكل أسهل وأكثر تنوعا من خلال طباعة الكتب وفق الطلب، أو إنتاج الكتب صوتيا، أو النشر بنظام الكتب الإلكترونية عبر الإنترنت، وهذا ما نحاول توفيره للقراء العرب في منصة كتبنا.كيف ترى مستوى كتابة جيل الشباب مقارنة بالأجيال الأقدم؟ وهل اختلف المستوى عن الأجيال السابقة أم كان مجرد تطور طبيعي للغة؟
كل جيل لديه أسلوبه وسماته الخاصة به، ولدينا مجموعة من الكتاب الشباب في الوقت الحالي شديدي الجمال والإبداع، نظرا لاطلاعهم على العالم والثقافات الأخرى من حولهم.
ويوجد مصادر عديدة يستلقي منها الجيل الحالي أفكاره، مثل الأفلام والمسلسلات الدرامية، والأعمال الوثائقية، والنقاشات الثقافية عبر منصات التواصل، حيث يتعرض لكمّ هائل من السرديات، إلى جانب إتقان اللغة والأدوات الأدبية والأكاديمية أحيانا في الأعمال المتخصصة.
محمد جمال، مؤسس منصة كتبنا للنشر الشخصي، تخرج عام 2014 في مجال هندسة الحاسب، وعمل لـ 12 عامًا في مجال البرمجيات والشركات الناشئة في مجال تقنية المعلومات. مواقع التواصل
محمد جمال، مؤسس منصة كتبنا، تخرج عام 2014 في مجال هندسة الحاسب، وعمل 12 عاما في مجال البرمجيات والشركات الناشئة بمجال تقنية المعلومات (مواقع التواصل الاجتماعي)
كيف ترى مستقبل القراءة الورقية؟ هل تختفي لصالح الكتب الإلكترونية والصوتية؟
لا يزال الكتاب الورقي يتمتع بأهمية خاصة لدى القارئ العربي، الذي يحب دائما القراءة فيه مباشرة وأخذ الملاحظات والعلامات حول المعلومات المهمة، إلى جانب الاحتفاظ به في مكتبته الخاصة، إو حتى إهدائه لأصدقائه.
على صعيد آخر، لم تتجاوز صناعة الكتب الإلكترونية في أميركا 40% من حجم سوق الكتب، رغم أن التوقعات السنوية تشير إلى إمكانية تجاوزها لنسبة الـ50%، ولكن حتى الآن لا يوجد ما يشير إلى إمكانية اختفاء الكتب الورقية، الأمر يشبه تماما اختفاء التلفاز مقابل الأجهزة الحاسوبية.
يوجد مثال شهير للأمر نفسه، وهو مجلة “نيوزويك” (Newsweek)، التي احتفلت في فترة سابقة بإصدار آخر عدد ورقي من المجلة، إلا أن الأمر لم يستمر طويلا، وسرعان ما عادت للإصدارات الورقية من جديد بسبب الطلب المتزايد من القراء.
ما أبرز الإنجازات التي حققتها منصة كتبنا حتى الآن؟
لقد نجحنا خلال 7 سنوات مضت في نشر 1550 كتابا ورقيا مطبوعا، إلى جانب 1850 كتابا إلكترونيا في كافة المجالات، تحول 50 كتابا منها إلى أعمال صوتية عبر منصات الكتب الصوتية المختلفة.
ولدينا عدد من الكتّاب الشباب الذين استطاعوا الوصول لعدد من الجوائز الثقافية المرموقة في وطننا العربي مثل جائزة ساويرس للكتاب، وجائزة الشيخ زايد للكتاب، وكذلك جائزة محمود كحيل، وجائزة “آي ريد” السنوية.
وفي عام 2015، حصلت منصة كتبنا على جائزة “مسابقة الشركات العربية الناشئة” (mit arab competition)، والتي عُقدت وقتها في الكويت.
كيف ترى الاتجاه السائد بين الشباب لتأسيس شركاتهم الخاصة مبكرا؟
يوجد اتجاه بين صفوف الشباب إلى تأسيس شركاتهم الناشئة عقب التخرج من المرحلة الجامعية وحتى أثناء تواجدهم في الجامعة، وهذا أمر صحي للغاية لأنه عادة ما يترتب عليه إيجاد حلول لمشكلات ملموسة في السوق العربي.على جانب آخر، لا يجب أن يعني ذلك إهمال الشباب لمرحلة التجارب، والعمل في أكثر من مكان والتنقل بين الخبرات المختلفة، وتكوين شبكة علاقات واسعة، حتى يكونوا في مستو عال من الجاهزية قبل الدخول في المرحلة المهنية الأكبر في مسيرتهم من خلال تأسيس شركتهم الخاصة.
ما الخطوات القادمة التي تطمح في تحقيقها قريبا؟
نهدف في مكتبنا إلى الانطلاق نحو الوطن العربي عن طريق سلسلة مكاتب في دول الخليج، إلى جانب تصميم منصة كتب صوتية خاصة بنا؛ والتي تهدف إلى تحويل معظم أعمالنا إلى كتب صوتية بعد نجاح تجربتنا الأولى في تحويل 50 كتاب من أعمالنا الخاصة، كما نستهدف أيضا البدء في تأسيس سلسلة مكتبات لتوزيع أبرز أعمالنا وأعمال دور النشر الأخرى في مصر والوطن العربي.
الجزيرة