نشرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية منذ عدة سنوات مجموعة من الأوراق البحثية، التي ربطت بين النمو الاقتصادي ونظام التعليم، فأي دولة تسعى لتحقيق النمو الاقتصادي، لا بد أولاً أن تحسن نظامها التعليمي.
ونظراً لاختلاف نظم التعليم في كل دولة، فقد وجدت دراسة جديدة حلاً لهذه المشكلة يتمثل في توحيد نظام التعليم، وهي الدراسة التي أجراها الاقتصادي الأمريكي الحائز على نوبل “مايكل كريمر” على مدار عامين، وشملت 10 آلاف طالب من جميع أنحاء كينيا.
وخلصت الدراسة إلى منهجية باسم “نيوجلوب” أو “NewGlobe” تساهم في تحسين مكاسب التعلم، حيث وجدت الدراسة تحسن في مكاسب التعلم في المدارس التي طبقت هذه المنهجية بنسبة تتراوح بين 8 إلى 14 مرة أكثر من غيرها من المدارس التي تطبق المعايير الدولية العادية في التعلم.
وبموجب هذه المنهجية يحصل الطلاب من مرحلة الابتدائية حتى الإعدادية على سنة دراسية إضافية، ويتعلمون في غضون عامين، ما يتعلمه أقرانهم في غضون ثلاث سنوات تقريباً.
وتكون مكاسب التعلم أكثر في سنوات الطفولة المبكرة، فالطلاب الذين يدرسون وفقاً لهذه المنهجية، يحصلون على عام ونصف إضافي من الدراسة، ويتعلمون في غضون عامين ما يتعلمه الطلاب في المدارس الأخرى في غضون ثلاث سنوات ونصف.
كيف يساهم إصلاح التعليم في تحسين الاقتصاد؟
– أوضحت نتائج الدراسة التي أجراها “كريمر” أن المكاسب التي يمكن أن يحققها اتباع منهجية “نيوجلوب”، يمكن أن تدفع كينيا – ودول أخرى مثلها – لتحتل مراكز متقدمة في التعليم، وتصبح مماثلة لدول مثل المكسيك وبيرو، والتي يحصل فيها الفرد الواحد على دخل أكثر بثلاثة أو أربعة أضعاف.
– ووجدت الدراسة أن الإصلاح الناجح للتعليم يؤدي إلى اقتصادات أفضل، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى تحسن المهارات المعرفية لأفراد المجتمع، والذي يجعلهم مساهمين فعالين في تحسن الاقتصاد.
– ووجدت الدراسة أيضاً أن الالتحاق بالمدارس التي تطبق منهجية “نيوجلوب” كان له تأثير إيجابي كبير في تحسن مهارات التفكير مثل التفكير النقدي والقدرة على حل المشكلات لدى الطلاب في المرحلتين الابتدائية والإعدادية.
– وقد حدث هذا التأثير من خلال تطبيق هذه المنهجية على مدى عامين فقط، ومن ثم يمكن تحقيق مكاسب أكبر بكثير إذا ما تم تطبيق هذه المنهجية طوال مرحلة التعليم الابتدائي.
– وقد أصبحت الدول في حاجة ماسة إلى تطبيق هذه المنهجية الآن، خاصة أن تقديرات البنك الدولي تشير إلى أن نحو 70% من الأطفال في سن العاشرة في البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل، يعانون من فقر التعلم، وغير قادرين على قراءة أو فهم النصوص البسيطة.
– وتظهر منهجية “عالم جديد” أن بالإمكان تحسين مكاسب التعلم لكل الأطفال، حيث ينتمي الأطفال العشرة آلاف الذين شاركوا في الدراسة إلى خلفيات اقتصادية واجتماعية متدنية، ويعيش العديد منهم في منازل ذات أرضيات طينية قذرة، وبلا كهرباء.
– ورغم أن جميعهم حقق نتائج كبيرة على مستوى التعلم بفضل هذه المنهجية، إلا أن من بدأ منهم في مراحل مبكرة حقق نتائج أفضل.
ما منهجية التعليم التي تؤدي إلى هذه النتائج؟- تتميز منهجية “نيوجلوب” بكونها غنية بالمعلومات والبيانات، وتحوي نظاماً متكاملاً يضم منصة تعليم رقمية ودعمًا شاملاً.
– ووفقاً لهذه المنهجية يتم الجمع بين استخدام الشبكات الخلوية، بما يضمن أن يكون لدى كل مدير مدرسة تطبيقات مصممة خصيصاً لإدارة المدرسة والعملية التعليمية.
– هذا بالإضافة إلى نشر دروس المعلمين والمواد الداعمة الأخرى رقمياً، مما يسهل عملية اتخاذ القرارات اللازمة لتحسين التعليم.
– وتكشف هذه الدراسة أهمية توحيد نظم التعليم، فحسبما ذكر “كريمر” فإن المدارس التي تقدم تعليماً موحداً تتوافر لديها إمكانية تحقيق مكاسب تعليمية على نطاق واسع.
– وتخلص الدراسة في النهاية إلى نتيجة يحتاج صناع السياسات إلى وضعها في اعتبارهم، ألا وهي أنه كلما حظى الطلاب بتعليم أفضل، نمت الاقتصادات، فإصلاح التعليم يتبعه إصلاح اقتصادي.
– كما يؤدي إلى توفير المزيد من الفرص للشباب، ومن ثم فقد حان الوقت لتطبيق منهجية “نيوجلوب”، والتركيز أكثر على تحسين نتائج التعليم.
ارقام