قال صندوق الاستثمارات العامة السعودي إنه يعمل على تنويع الاستثمار وتوسيع محفظته الاستثمارية لتحقيق مكاسب طويلة الأجل، إذ يبحث عن فرص استثمارية استراتيجية جذابة محليا ودوليا، سعيا منه إلى تحقيق العوائد والمساهمة في عملية التحول الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل للمملكة.
وتستهدف هذه الاستثمارات الشركات التي تسهم في دفع الاقتصادات وقيادة القطاعات في المستقبل.
وأضاف الصندوق أن فهم الصورة الكاملة لآلية صنع القرار الاستثماري ومنهجيته في اقتناص الفرص، لا يمكن دون النظر في آلية الحوكمة الداخلية التي ينتهجها، والتي تعكس قدرته على تطوير محافظه الاستثمارية محليا وعالميا، وفقا لجريدة الاقتصادية.
ولم تقتصر استثمارات الصندوق الذي احتل لأول مرة المركز التاسع بين أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، حسب آخر تحديث لمعهد صناديق الثروة السيادية، على أنشطة محددة فحسب، بل توسعت في قطاعات حيوية تشمل البنوك، النفط والطاقة، التكنولوجيا، صناعة الطيران، النقل، السياحة، الإعلام والترفيه، البنية التحتية “سكك حديدية”، الأدوية، نظم الاتصالات، والأغذية والمشروبات.
واستثمر في عدد من أهم الشركات الابتكارية في العالم، فبنى شراكات من شأنها ضمان أن تكون المملكة في طليعة التوجهات الاقتصادية الناشئة عالميا، وبما يدعم جهود التنمية في المملكة انسجاما مع “رؤية 2030”.
ومع هذه الاستثمارات المتشعبة في قطاعات مؤثرة دوليا، بلغت أصوله 360 مليار دولار بما يعني ارتفاعها 137 في المائة، خلال نحو أربعة أعوام ونصف العام، ليقترب بذلك من تحقيق المستهدف في برنامج التحول الوطني، وهو أن تبلغ أصوله 400 مليار دولار في 2020.
آلية الحوكمة
وحول آليات الحوكمة التي انتهجها، ذكر الصندوق إنه يطبق أسلوبا مختلفا ومتميزا بنى من خلاله حوكمته على أربعة مجالات أساسية، بدءا بالأنشطة الأساسية للقرارات المتعلقة بالاستثمار، وأنشطة الرقابة بما فيها التدقيق والامتثال وإدارة المخاطر، ودعم الأنشطة وتشمل التوظيف والمكافآت، وأنشطة التخطيط والرصد التي تشمل الاستراتيجية والتخطيط والحوكمة والرقابة والإبلاغ والرصد.
ولم يكتف الصندوق بذلك، بل أضاف إليها خمس لجان فرعية تشمل جميع الأقسام من أجل ضمان شفافية في الرقابة على عملية الحوكمة، وهذه اللجان هي لجنة مجلس الإدارة، واللجنة التنفيذية، ولجنة الاستثمار، ولجنة المراجعة والمخاطر والالتزام، ولجنة المكافئات.
تسلسل النموذج
وأوضح الصندوق أن نموذج الحوكمة يتسلسل بداية من مجلس الإدارة وصولا إلى الإدارة التنفيذية، إذ توجد خمس لجان على مستوى الإدارة تستعرض الأنشطة الاستراتيجية والتشغيلية، وتصادق على المقترحات، سواء كانت استثمارية أو غير استثمارية، ليتم رفعها لمجلس الإدارة ولجانه الفرعية لاتخاذ القرارات، وممارسة الأنشطة الموكلة إلى الإدارة التنفيذية من قبل مجلس الإدارة.
ولضمان تغطية هذه المجالات بشكل جيد، عمد الصندوق إلى تكوين لجان مستوى الإدارة الخاصة به وفقا للسلطة المفوضة له من قبل مجلس الإدارة، وهذه اللجان هي لجنة إدارة الاستثمار، واللجنة الإدارية، ولجنة ترشيح شركات المحافظ الاستثمارية، ولجنة إدارة المخاطر، ولجنة إدارة السيولة.
وأتاح هذا النموذج للصندوق تحقيق تطلعاته ليصبح قوة استثمارية عالمية تعمل على تطوير الاقتصاد، وتمكين القطاع الخاص من خلال اتخاذ القرارات بعد دراسة دقيقة.
وفي حقله الاقتصادي، نما دور الصندوق بوتيرة متسارعة في ضوء الاستراتيجيات العريضة التي أقرها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وذلك في سياق الجهود المبذولة لدفع عجلة التحول الاقتصادي الوطني والتغيير الإيجابي المستدام في المملكة، وعبر إسهام الصندوق في تنمية الاقتصاد المحلي وتوسيع محفظته من الأصول الدولية.
جذب الكفاءات
ونظرا لأن نمو الصندوق السيادي العالمي أصبح واضحا ومعلوما وتنوعت وتعددت استثماراته في كل الأقطار، استعان الصندوق بخبراء محليين وعالميين متخصصين وضعهم ضمن هيكلة فريق الحوكمة وأيضا ضمن إدارته التنفيذية.
ومكن الالتزام بمعايير شفافية وحوكمة عالية صندوق الاستثمارات العامة من تحقيق سبع درجات من عشر على مؤشر لينابورج مادويل للشفافية ليصبح في مكانة بارزة بين عديد من الصناديق الرائدة.
وامتدت شفافية الصندوق وحرصه على الحوكمة إلى الشركات الموجودة في محافظه الاستثمارية أيضا، إذ يحرص عبر ممثليه في مجالس إدارة هذه الشركات على مساعدتها في تحسين تطبيق معايير الحوكمة.
صفقة أرامكو – سابك
ومثال على ذلك، شكلت الصفقة بين “أرامكو السعودية” وصندوق الاستثمارات العامة، التي استحوذت “أرامكو” بمقتضاها على حصة 70% في الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، فائدة مشتركة لجميع الأطراف، ونقلة نوعية لثلاثة من أهم الكيانات الاقتصادية في المملكة.
ويعد صندوق الاستثمارات هذه الصفقة نقلة كبيرة في سعيه إلى تعزيز استراتيجية الاستثمار طويلة الأمد في برنامجه وتحقيق رؤيته على المدى الطويل.
والجزء الأهم هنا أن الصندوق كمستثمر نشط ساهم بداية وبشكل فعال في نجاح شركة سابك بحكم امتلاكه الحصة الأكبر ومن ثم تمثيله في مجلس إدارة الشركة، ما عزز مساهمته في نظام الحوكمة الداخلية للشركة.
وذلك إضافة إلى مساهمته جنبا إلى جنب مع كل من “أرامكو السعودية” و”سابك” في تطبيق أعلى معايير الحوكمة لإتمام صفقة البيع وبمشاركة خبرات مؤهلة لتحليل الجوانب كافة ولكل الأطراف المعنية، المساهمين، والجهات التنظيمية، والموظفين، والشركاء، ما أسهم في إتمام صفقة البيع بمواصفات وتخطيط يرقى إلى أفضل الممارسات العالمية.
وفي ظل النمو الذي استمر الصندوق في تحقيقه، تمكن من جذب خبراء متخصصين للانضمام إلى هيكل الحوكمة والإدارة التنفيذية، كما بادر مجلس الإدارة إلى تحديث صلاحياته وتفويض اللجان الفرعية، إضافة إلى الإدارة التنفيذية، لضمان كفاءة سير الأعمال، وتقديم رؤية إضافية للقرارات التي يتعين اتخاذها، مع تفويض أنشطة إعداد التقارير الدورية لضمان وجود آلية رقابة ملائمة.
رؤية المملكة
الحراك المذهل لصندوق الاستثمارات العامة وصفقاته الاستثمارية خلال الفترة الماضية في شركات عالمية متقدمة، جعلا منه نموذجا إيجابيا لقطاع استراتيجي وحيوي لرؤية المملكة 2030.
وأكد الصندوق أن هذا الحراك يلزمه القيام بمراجعة أطر الحوكمة الداخلية لديه بشكل دوري ليسهم في تطوير هذه الممارسة ليس على المستوى الداخلي فحسب، بل يتجاوز ذلك ليصل إلى شركات محفظته الاستثمارية أولا ومن ثم إلى قطاعات محلية حيوية مختلفة، ليكون المرجع الأول في تطبيق نموذج الحوكمة السليم المبني على الالتزام والصرامة والشفافية والتدقيق والمراجعة.
العربية نت