حينما جرى الإعلان عن مشروع عملة “فيسبوك” الرقمية في وقت سابق من يونيو حزيران الماضي، تم تقديم المشروع في حينه على كونه مستقبل التعاملات النقدية الذي سيرسي أسساً جديدة لنظام مالي عالمي جديد هو الأول من نوعه حول العالم.
واليوم ومع اقتراب دخول المشروع لعامه الأول، بدا أن الطموح الذي قُدم به المشروع حمل الكثير من المبالغة بعد أن أعلنت “فيسبوك” يوم الخميس الماضي مع شركائها عن تصميم أقل طموحاً لعملتها “ليبرا” بعد مجموعة من الصعوبات والأطر التشريعية المعقدة، بحسب تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
إبان الإعلان عن إطلاق العملة الرقمية، لعملاق شبكات التواصل الاجتماعي، والتي يبلغ عدد مستخدميها نحو 2.5 مليار نسمة، كان الحديث يدور حول جعل تلك العملة أساساً جديداً لنظام مالي عالمي ستلعب به تلك العملة الدور الذي تقوم به البنوك المركزية والمراكز المالية الكبرى في العالم على غرار “وول ستريت”.
وقالت هيئة إدارة العملة الرقمية، وهي هيئة أنشأتها “فيسبوك” في سويسرا لتولي العملية برمتها، في بيان إنها أدخلت مجموعة من التعديلات على مشروع العملة الرقمية من بينها السماح بربط العملة ببعض العملات الرئيسية مع السماح بالإشراف عليها من قبل الهيئات الرقابية العالمية، وهو التغيير الذي تأمل “فيسبوك” من خلاله في الحصول على موافقة الجهات التنظيمية.
تحول جذري
ولكن كيف كان الحال قبل تلك التعديلات التي تم الإعلان عنها؟ في بادئ الأمر، كانت “فيسبوك” تخطط أن تكون العملة الرقمية الجديدة مزيجا من العملات المختلفة مع ربطها بالسندات السيادية لبعض كبريات البنوك المركزية حول العالم.
والتعديل الذي تم إدخاله على المشروع هنا يتعلق بربط العملة بعملات رئيسية أخرى مع استبعاد ربطها بالديون السيادية للبنوك المركزية.
وحين جرى الإعلان عن العملة الرقمية في وقت سابق من العام الماضي، عارضت دول كبرى على غرار فرنسا وألمانيا المشروع وقالت في حينه إنها ستمنع تداول تلك العملة في أسواقها.
ومن بين التعديلات التي تم إدخالها على مشروع العملة الرقمية الضمانات المتعلقة بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، إذ قالت الهيئة إنها ستعمل على تسجيل العملة لدى شبكة الجرائم المالية التابعة لوزارة الخزانة الأميركية والمتخصصة في تعقب حركة رؤوس الأموال والتحويلات الخارجية المشكوك في نزاهتها.
انسحاب مفاجئ
وحينما تم الإعلان عن المشروع في بادئ الأمر، ضمت قائمة المشاركين في المشروع الطموح شركات ثقيلة الوزن أعطت المشروع ثقلا في الأوساط المالية العالمية.
ولكن بعد أربعة أشهر على وجه التحديد، وفي أكتوبر تشرين الأول الماضي أعلن عدد من حلفاء “ُفيسبوك” الرئيسين في المشروع الانسحاب على نحو مفاجئ.
وشملت قائمة الشركات المنسحبة لاعبين كبار في مشهد النظام المالي العالمي على غرار “فيزا” و”ماستركارد” و “إيه.باي”.
فيما قالت “فيزا” إبان الإعلان عن انسحابها من المشروع إن أي مشاركة مستقبلية في ذلك المشروع تتطلب حصول العملة على كافة موافقة الجهات التشريعية واستيفائها كافة الشروط المتعلق بأمن النظام المالي العالمي.
من جهتها قالت شركة “ماستركارد” حينها إن انسحابها يتعلق أيضا بعدم حصول العملة على موافقة الجهات ونوهت إن مشاركتها في المشروع من الأساس جاء من منطلق تحقيق الشمول المالي العالمي.
ومثل انسحاب تلك الشركات ضربة قاصمة لطموح المشروع، في وقت يشير به تقرير صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن النسخة الجديدة من المشروع أصبحت تشبه إلى حد كبير نظام “Paypal” للدفع الإلكتروني بربط العملات المحلية بالدولار الرقمي، وهو التعديل الذي أدخلته “فيسبوك” على مشروع العملة مع الإعلان عن ربطها بعملات أخرى.
ماذا بعد؟
وتمضي هيئة العملة الرقمية التابعة لـ”فيسبوك” رغم تلك الصعوبات قدما نحو الأمام، ولكن بطموح أقل. وقالت الهيئة في بيانها إنها بدأت في العمل على الحصول موافقة الجهات التنظيمية في سويسرا لإطلاق شبكة المدفوعات الخاصة بالعملة الرقمية الجديدة مع العمل على الحصول على الموافقات التنظيمية في 20 دولة أخرى.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤول في الهيئة قوله، “الآراء حول المشروع لم تذهب سدى بما في ذلك الانتقادات، ما نحاول العمل عليه الآن هو تضمين تلك الآراء في المشروع الذي نعمل عليه”.
فيما نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين في الهيئة قولهم إنهم يعتزمون إطلاق العملة الرقمية الجديدة، إذا ما تمت إجازتها من الجهات التنظيمية في منتصف نوفمبر المقبل أو نهاية العام على أقصى تقدير.
والموعد الجديد المنتظر يبعد نحو 6 أشهر عن الموعد الأصلي المقرر الذي كانت تخطط به “فيسبوك” لإطلاق عملتها الرقمية، إذ قالت الشركة إبان الإعلان عن المشروع إنها تخطط لإطلاق عملتها الرقمية الجديدة بنهاية النصف الأول من العام الجاري، فهل يتم تأجيل موعد الإطلاق مجددا؟ لننتظر ونرى ما سيتمخض عنه مشروع “فيسبوك” المنتظر.
العربية نت