تتسارع وتيرة انتشار فيروس كورونا في الصين، وبدأت تنتقل إلى دول أخرى، ما سيلقي بظلاله على أسواق المال والاقتصادات العالمية بشكل عام والصينية بشكل خاص.
ومن المفترض أن تتأثر الاقتصادات بقوة بانتشار كورونا الذي يقيد حركة وحرية السفر والتجارة بين البلدان، ويرفع الإنفاق على العملية الاحترازية للحد من انتشاره، وفي حال تفاقمه بشكل قوي قد يؤثر على النمو الاقتصادي والطلب العالمي على النفط.
والمخاوف المتعلقة بانتشار الفيروس لا يمتد أثرها على الأسواق فقط ولكن إلى معنويات المستثمرين من الأساس، وهو ما قد يؤدي إلى توجههم نحو الأصول الآمنة على غرار الذهب التي ينظر إليها كملاذ آمن للتحوط في أوقات الأزمات.
هبوط حاد
وقد يحدث هبوط حاد بالأسواق في أوقات تفشي الأوبئة على غرار ما حدث في العام 2003 حينما تفشى فيروس سارس القاتل والذي أودى بحياة نحو 800 شخص في الصين، وأدى إلى انكماش الناتج المحلي للبلاد بنحو 5%.
ومنذ الإعلان عن اكتشاف الفيروس الأسبوع الماضي، لم تتراجع أسواق الأسهم والسلع بالصين فقط بل امتد أثرها إلى الأسواق الآسيوية والأميركية، على حد سواء.
ويوم الخميس الفائت، تراجع مؤشر شنغهاي بنحو 3%.
من جهته، قال مينا رفيق مدير البحوث لشركة المروة لتداول الأوراق المالية، إن فيروس كورونا كان تأثيره في الأسواق الآسيوية أكثر ومن ثم انسحب الأثر على الأسواق الأميركية، لكن السوق المصري سيكون التأثير فيها محدودا.
أسواق النفط أيضا كانت في مرمى نيران انتشار فيروس كورونا، حيث تراجعت أسعار الخام بأكثر من 2% يوم الجمعة مع تصاعد المخاوف من اتساع نطاق الفيروس الجديد الذي ظهر في الصين.
أسواق النفط
من جانبه، قال الخبير النفطي كامل الحرمي، في مقابلة مع “العربية”، إن تفشي مرض كورونا في الصين أدى إلى خفض توقعات النمو في أكبر مستورد للنفط.
وأشار الحرمي إلى أنه من الصعب تحديد الكميات التي ستتأثر بمخاوف فيروس كورونا، كما أن ضغوطا ستنشأ على قطاعات السياحة والسفر ووقود الطائرات، وبالتالي تأثر عمل مصافي البترول، واستهلاك النفط في داخل الصين.
وتكبد خام برنت خسارة أسبوعية هي الأسوأ منذ أكثر من عام حيث أنهى تعاملات الأسبوع منخفضا بنسبة 6.4%.
تأثر الإنتاج
وأغلقت العقود الآجلة للخام الأميركي على 54 دولارا، حيث لامست خسائره الأسبوعية 7.5%. والصين هي ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد أميركا، لكنها أكبر مستورد له.
وفيما قد يؤشر إلى أن كورونا قد يقلص إنتاج المصانع في أماكن انتشار الأوبئة بما يؤثر على اقتصادات الدول، قالت مجموعة بيجو ستروين (بي.إس.إيه) الفرنسية لصناعة السيارات في بيان، إنها ستُرحل موظفيها الأجانب وعائلاتهم من منطقة ووهان الصينية التي تفشى فيها فيروس كورونا الجديد.
تويعات المحللين
ويتوقع المحللون تفاقم أثر انتشار الكورونا على الأسواق الأميركية في حال انتشار الفيروس بشكل أكبر في الصين وخارجها وفي حال ارتفاع عدد الوفيات، علما أن منظمة الصحة العالمية أفادت إلى ضرورة تجنب انتشار الذعر، بالنظر إلى تطورات الفيروس حتى الآن.
ولكن، تبقى معنويات المستثمرين حساسة تجاه هذه التطورات، فمن المتوقع توجههم نحو الأصول الآمنة على غرار الذهب.
ومن جانبه توقع غولدمان ساكس تراجع أسعار النفط بدولارين وتسعين سنتا، وانخفاض الطلب العالمي عليه بواقع 260 ألف برميل يوميا هذا العام حيث اعتمد البنك على الخسائر التي حدثت عام 2003 جراء فيروس Sars.
ومن جهة أخرى أشارت وكالة ستاندرد آند بورز إلى أن الأثر الفوري لانتشار الفيروس في الصين ظهر في صورة تراجع في الطلب على وقود الطائرات بنحو 200 ألف برميل يوميا مع تراجع الطلب على السفر في أحد أهم المواسم السياحية في الصين وهو رأس السنة الصينية، إذ طلبت بكين من وكالات السفر في جميع أنحاء البلاد تعليق مبيعات رحلات المجموعات المحلية والدولية كجزء من محاولة لاحتواء انتشار الكورونا. ما يعني أن قطاع السياحة العالمي قد يتلقى ضربة قوية جدا، ففي عام 2018 أنفق السياح الصينيون 130 مليار دولار في الخارج.
تجدر الإشارة إلى أن السياح الصينيين هم أيضًا الأكبر انفاقا في العالم على السلع الفاخرة ، لا سيما في المتاجر المعفاة من الرسوم في المطارات.
دراسة أعدها البنك الدولي أشارت إلى أن انتشار الأوبئة والأمراض يكلف الاقتصاد العالمي نحو 570 مليار دولار سنوياً أو ما يوازي نحو 0.7% من حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ولكن يبقى الأثر الاقتصادي لفيروس كورونا الجديد رهنا بتطورات جهود منع انتشاره والتي تتخذها بشكل متسارع مختلف دول العالم.
العربية نت