شهدت الساحة الاقتصداية العالمية تقلبات ملحوظة خلال عام 2019 على كافة الأصعدة، فعندما تبحث عن التوترات ستكون الأمور التجارية والسياسية على رأس القائمة.
وإذا نظرت إلى الأوضاع الجيوسياسية، فالعلاقات بين الدول لم تكن أفضل حالاً، وحال تحويل اهتمامك إلى الأسواق المالية ستجد التقلبات الحادة في الاتجاهين الصاعد والهابط حاضرة بقوة وسط مخاوف تباطؤ اقتصادي حاد.
لكن بعد أن مضى هذا العام الصعب من الناحية الاستثمارية بأموره كافة السيئة والجيدة، كيف سيكون الوضع في عام 2020؟
من الصعب أن تكون هناك روشتة واضحة المعالم تحدد ما يجب أن يفعله المستثمر في العام الجديد؛ لكن بطبيعة الحال يحاول الخبراء والمختصون في الأسواق العالمية وضع تصورات محتملة وعلى الجميع أن يسير في الاتجاه الذي يتوافق مع رؤيته الخاصة.
ويعتقد بنك “جي.بي.مورجان تشيس” أن الأسهم يمكن أن ترتفع في العام المقبل، مع إبداء نظرة حذرة حيال السندات الحكومية، والتأكيد على ضرورة ابتعاد المستثمرين عن سندات الشركات عالية الجودة.
ويوصي الاستراتيجيون في البنك الأمريكي بتخصيص الاستثمارات لصالح الأصول الخطرة في عام 2020 مع اكتساب الاقتصاد العالمي الزخم في أعقاب التباطؤ الذي حدث في الأشهر الأخيرة.
وتشمل تلك الأصول الخطرة الأسهم سواء في “وول ستريت” أو أسهم البنوك اليابانية والألمانية أو أسهم الأسواق الناشئة، لكن في المقابل يراهن الخبراء على هبوط أسعار الذهب، خاصةً إذا تراجعت المخاطر الدورية أو مخاطر السياسة في 2020.
ومع ذلك يوصي الاستراتيجيون بتنفيذ التحوط عبر فئات الأصول تحسباً لوقوع تقلبات أكبر، وخاصةً في العملات.
وتحدد “بلاك روك” استراتيجة الاستثمار المفضلة في العام الجديد، طبقاً لرؤية التطورات على الصعيد العالمي إضافة إلى المخاطر، والتي شهدت تعديلات جوهرية.
وبالنظر إلى أسواق الأسهم حول العالم، فإن وزن الأسهم الأمريكية في المحفظة الاستثمارية تحول من زيادة في الوزن إلى محايد.
ويرجع ذلك إلى تزايد حالة عدم اليقين بشأن انتخابات الرئاسة الأمريكية في 2020 إضافة إلى احتمالية أن تضغط السياسة المحتملة على المعنويات وتحول دون تكرار التفوق في الأداء.
أما الأسهم الأوروبية، فينصح بخفض الوزن في المحفظة الاستثمارية خلال العام المقبل بدلاً من الرؤية السابقة “محايد”، حيث تبدو الأسواق كما لو أنها قامت بالتسعير الكامل للتيسير النقدي من قبل البنك المركزي الأوروبي.
وفي المقابل، أوصت أكبر شركة لإدارة الأصول عالمياً بزيادة الوزن في المحفظة الاستثمارية من الأسهم اليابانية، كونه أحد الأسواق التي تستعد للاستفادة أكثر من تعافي القطاع الصناعي العالمي وتهدئة التوترات التجارية بين واشنطن وبكين.
كما شهدت أسهم الأسواق الناشئة تحديثاً كذلك من الوضع المحايد في المحفظة الاستثمارية إلى زيادة الوزن، في ظل تحقيق فوائد من التعافي العالمي.
كما من المرجح أن تُبقي البنوك المركزية في الاقتصاديات الناشئة باستثناء الصين على نفس مسار التيسير النقدي، الأمر الذي يدعم النمو الاقتصادي وأسواق الأسهم.
وفيما يتعلق بأسواق الأسهم في آسيا باستثناء اليابان، فتم مراجعة النظرة الاستثمارية إلى محايدة بدلاً من خفض الوزن، وسط احتمالات زيادة في النمو الاقتصادي.
وتعتقد بلاك روك أن اقتصاد الصين سيحقق استقراراً لكن التحفيز وصل إلى حدوده القصوى كما أن الاضطرابات في التجارة العالمية تتجه للهبوط.
وفيما يتعلق بأسواق أصول الدخل الثابت، فشهدت سندات الخزانة الأمريكية تحديثاً من خفض الوزن في المحفظة إلى محايد.
لكن في المقابل، تم التوصية بخفض الوزن في سندات الحكومة الألمانية بدلاً من زيادة الوزن في السابق، وكان الوضع كذلك بالنسبة لمنطقة اليورو.
وتتمثل نصيحة “بنك أوف أمريكا” في مواصلة شراء الأسهم خلال العام المقبل، مع استمرار السياسة النقدية التيسيرية إضافة للتهدئة التجارية إضافة إلى توقعات وصول النمو الاقتصادي العالمي إلى أدنى مستوياته خلال الربع الأول.
ويتوقع استراتيجي بالبنك الاستثماري أن تشهد الأسهم البرازيلية مكاسب بنحو 20 بالمائة في العام المقبل، بعد أن كانت الأفضل أداءً في أمريكا الجنوبية خلال عام 2019.
ويرى الخبراء في البنك الأمريكي أن هناك احتمالية لتفوق أسواق الأسهم حول العالم في الأداء على أسواق السندات خلال العام المقبل وسط انتعاش متوقع في أرباح الشركات.
كما أبدوا نظرة متفائلة حيال الأصول المحفوفة بالمخاطر مثل الأسهم والسلع مقارنة بالمخصصات الدفاعية مثل السندات، مع توقعات بأن يصل مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” لمستوى 3300 نقطة في العام القادم مع ارتفاع 8 بالمائة و5 بالمائة في الأسهم الأوروبية والبريطانية على الترتيب.
وفي تأكيد للنظرة الإيجابية حيال أسواق الأسهم في عام 2020، ينضم بنك “مورجان ستانلي”، لكنه يتوقع ضعف أداء الأسهم الأمريكية مقابل النظراء في اليابان والأسواق الناشئة.
كما يرى البنك الأمريكي أن الذهب سيظل يتداول في نطاق الـ1500 دولار للأوقية مع توقع تعافي الدولار مقابل العملات المرتبطة بدورة النمو الاقتصادي خلال النصف الثاني من العام الجديد مع حقيقة أن يشهد الين الياباني والفرنك السويسري أداءً جيداً.
وبالنسبة لسوق الدخل الثابت، فأعطى البنك نظرة محايدة لسندات الخزانة الأمريكية والسندات الحكومية في اليابان في المحفظة الاستثمارية، لكنه خفض الوزن تجاه السندات الألمانية والبريطانية.
ويظل بنك “جولدمان ساكس” محتفظاً برؤيته فيما يتعلق بأسعار الذهب خلال الثلاثة والستة والـ12 شهراً القادمة عند مستوى 1600 دولار للأوقية؛ بسبب الطلب الاستثماري على المعدن الأصفر.
كما يتوقع “سيتي جروب” أن يصل سعر الذهب الأصفر إلى مستوى 2000 دولار للأوقية مع الاستمرار في تسجيل مستويات مرتفعة في غضون العام أو العامين القادمين.
وفي الوقت نفسه، رفع البنك توقعاته لمؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بحلول نهاية عام 2020 إلى 3375 نقطة بدلاً من 3300 نقطة المتوقعة في السابق.
لكن البنك حذر من أن التوقعات بشأن العام المقبل “مشوشة” بعض الشيء بالنظر إلى حالات عدم اليقين المختلفة إضافة لاحتمالية أن تكون انتخابات الرئاسة الأمريكية أكبر المخاطر البيئية.
مباشر